حمزة مصطفى|
هي ليست القضية الأولى من نوعها في السجون ,أية سجون, ولن تكون الأخيرة. السجون والمعتقلات العراقية أيام الشمولية أم في عهد الديمقراطية, أو سجون الأميركان في غوانتنامو أوفي أبي غريب. لا أعرف نوع التعذيب في سجون الأخ كيم أون جونغ زعيم كوريا الشمالية, أو الأستاذ جيانغ زيمين زعيم الصين. لا أعلم إن كانت هناك سجون لدى الرفيق المتقاعد بوتين الباق وأعمار الطغاة قصار حتى 2036 داخل أسوارالكرملين. السجون هي السجون وإذا كان ثمة فارق فهو في النوع لا في الدرجة. والأسباب التي تقف خلف ذلك عديدة لكنها في الغالب الأعم تتعلق بالسلوك البشري. لا أعرف القائل أن الإنسان هو أكثر الحيوانات توحشا. أرسطو أم نيتشة. لعل صديقي أستاذ الفلسفة د طه جزاع يصحح لي ذلك بعد نشر المقال وتداوله في مواقع التواصل حيث يخضع للايكات القراء وتعليقاتهم. بصرف النظر عن القائل فإن الإنسان قاس جدا على نفسه أحيانا وعلى أبناء جلدته في غالب الأحيان خصوصا حين يملك السلطة, أية سلطة. شاهنشاه أريامهر مثل محمد رضا بهلوي أو ملك ملوك أفريقيا مثل معمر القذافي. أو ربما "أدمن" في كروب واتساب, يضيف ويزيل براحته. عمنا المتنبي يقول "والظلم من شيم النفوس" ونيتشة الذي لا أحبه يقول إن الإنسان حين يفشل أن يكون طاغية أو جبارا يبحث عن المساواة والعدل والمحبة. يعني يصير "كيوت" بمصطلحاتنا المعاصرة التي ولدت بعد 121عاما على وفاة صاحب "هكذا تكلم زرادشت". كلنا رأينا فيديو محمد سعيد كما قيل لنا أول الأمر قبل أن يظهر أن أسمه الحقيقي حامد سعيد الطفل الذي لم يبلغ الحلم بعد, عاريا تتناهشه ضباع بشرية يجزون رأسه جز الغنم, ويتفرجون على شعر عانته الذي نبت كثيفا لطفل لا يعرف بعد "شنهي السالفة". لم يكتفوا بذلك, تحولوا أثناء حفلة التعذيب الى رومانتيكيين وهم يطرحون عليه أساله عن لون بشرة أمه وأسئلة أخرى هي التي أثارت في النفوس والضمائر كل هذا الغضب. لوكان الأمر مجرد تعذيب لطفل أتهم برميه قنبلة مولوتوف على الجماعة لكان مثل سواه مثل فيديوات التعذيب التي تزخر بها السجون والمعتقلات. لكن الأسئلة التي تتعلق بأم الولد هي التي أثارت حميتنا جميعا. بالمناسبة حفلة تعذيب حامد لم تجر داخل معتقل رسمي, بل في الهواء الطلق وبكل أريحية. الوجه الآخر لقضية حامد سعيد هي إنها تعبير عن سلوك إجتماعي كلنا نعترف به ولكننا نتواطأ بشأنه في كثير من الحالات, أو نتناقض في طريقة فهمه والتعامل معه. كلنا نقول أن هذا السلوك مرفوض, لكننا نصب جام غضبنا في الغالب طبقا لرؤانا وأفكارنا المسبقة لا طبقا للحقائق على الأرض. أي تلك التي تتعلق بأصل السلوك المجتمعي الذي "طلعت ريحته" بعد الإنفجار الفضائي وما باتت تبثه مواقع التواصل من فضائح ندينها ونجلد مرتكبيها ولكننا لن نفعل شيئا لأغراض التصحيح. آخر الكلام أن المشكلة ليست مثلما يتصور الكثيرون هي في قوات "حفظ النظام" بل هي في عدم إحترام النظام بدء من القانون .. وحط إيدك.