جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف الليلة العظيمة..الليلة العظيمة ..! (4))

الليلة العظيمة..الليلة العظيمة ..! (4))

حجم الخط

 




حسن كريم الراصد ||

كانت السماء تزمجر وترعد بغضب وكانت الامطار تهطل كأنها شلال لتضرب الأرض بقوة فتحفر أخاديد تجري فيها المياه مسرعة نحو الأرض المنخفضة وكان الصغار متسمرين إلى النافذة مشدودين للمنظر الرهيب والظلام البهيم ثم فجأة لمع شيء تحت السدرة الكبيرة بعد انعكاس ضوء البرق عليه فصاح حيدر بأخته : انظري باتجاه السدرة فاني ارى شيئا قد يكون المهدي قد أتى بوالدي الليلة .. نظرت فاتن باتجاه السدرة. منتظرة البرق يضيء المكان وماهي الا ثوان حتى أضاء البرق الأرض بوضوح واتى بعده صوت الرعد الصاخب الذي اهتزت له اركان المنزل والفناء وهبت رياح عاصفة فاحدق الاثنان بالسدرة وإذا برجل ذا جبة بيضاء شدها لوسطه واسدل على رأسه قطعة قماش ارخاها على كتفيه ووجه يلتمع كحجر كريم ذا لحية بيضاء وملامح طيبة جميلة .. كان مشهده رهيبا وهو ينبعث من الظلام بالتزامن مع ضوء يخطف الأبصار ورعد يقتلع القلوب وكان يلوح بيديه لهما بود وابتسامة حنونة طالما رافقت محيا السيد مهدي . فهتف الصغار أنه المهدي تحت السدرة جاء يزورنا فنظرت الام من خلفهما فرأت مثلما رأوا لكنها تعرف السيد مهدي أمام المسجد جيدا فقد كان صديقا حميما لوالدها ودوما ما كانت تلجأ إليه أن احتاجت لامر فوق قدرتها .. قالت دون أن تنتظر : أنه السيد مهدي فهتفت فاتن لأخيها : الم أقل لك أنه المهدي جاء ليزورنا وسيأخذنا حيث أبانا ؟!
لم تعر خديجة اهتماما لما يظن صغارها فقد اذهلها مشهد السيد واقلقها ما أتى به الليلة في هذه الأجواء ومنظره وهو تحت الشجرة بهذا الوجه الملائكي رغم أنه جاوز الستين من عمره..
فتحت الباب وتركت صغارها خلفه يختلط عندهم الخوف بالرجاء وصاحت : سيد مهدي ما الذي أتى بك هنا ؟ ماذا تفعل عندك ؟
فرد عليها : إنها قصة طويلة وقد اصطدمت سيارتي بالسدرة قبل ساعة وحوصرت هنا ..
قالت : اركض مسرعا وادخل الدار فقد تسوء الاجواء أكثر .. فاستجاب السيد وركض مسرعا يتعثر ببرك المياه ويتفحص الأرض بعصاه التي انزلها معه حتى وصل إلى شرفة الدار ودخل وهو بحالة مؤلمة فأخذته خديجة نحو المدفأة واجلسته بعد أن خلع عبائته المبتلة وازاح عمامته ومسح وجهه ولحيته من المياه فاضاء بنور الشموع الموقدة يحف به الأيتام وهو يحنو عليهم وهم ما زالوا يظنون أنه المنتظر ساعة مرت استرجع فيها أنفاسه وشعر بالدفء ينفذ لعظامه الهرمة تناول خلال ذلك وجبة دافئة وشايا أعدته خديجة ثم سألها بصوت خافت : ماذا يظن بي صغارك ؟ قالت : أنهم يعتقدون ويصرون على انك الامام المهدي قد اتيتهم هذه الليلة وستأخذهم لوالدهم الشهيد ليرونه كانت خديجة تتحدث ودموعها تنساب على خديها وكان السيد مهدي ينهار رويدا رويدا حتى صرخ : يا إلهي ما العمل مع هؤلاء الأيتام وكيف ساتخلص من هذا الموقف ؟؟
قالت :لا عليك سيداهمهم النعاس فلم يتعودوا السهر لهذه الساعة.
أما. الصغار فكانوا يعدون ثياب السفر مع سيد مهدي ويسألونه عن مكان والدهم وكيف سيذهبون إليه ؟ افي السيارة ام أنهم سيركبون الغيوم كما أتى هو ؟؟
وكان يجيبهم بالتورية والهروب والحيرة والصمت حتى غلبهم النعاس اخيرا وناموا وهم يتقاسمون فخذيه كل أخذ واحدا كوسادة يغفو عليها
نقلتهما أمهما حيث غرفتهما وعادت للسيد مهدي يتجاذبان أطراف الحديث وتشرح له أحوالها بعد فقد والدها وزوجها وما الذي جعل اليتيمان يظنان أنه الامام المهدي فبكى لها كثيرا وحزن لامرها ..
وما أن بانت خيوط الفجر حتى هدأت السماء قليلا وصار ممكنا أن يتفحص سيارته عله يتمكن من العودة لداره فالله وحده يعلم مقدار القلق الذي انتاب زوجته العجوز الليلة غادر الدار وخديجة تنظر إليه وهو يدير محرك سيارته لتتحرك اطاراتها في الأرض الرخوة بتمايل وانزلاق حتى عادت للطريق وسارت واختفت عن انظارها بعدما لوح السيد بيده مودعا
عادت للدار واقامة صلاة الفجر واعدت فطورها ولم تغمض عيناها وهي تستحضر الأعذار والحجج أن استيقظ الصغار وسألوها عن السيد مهدي وماهي الا ساعة حتى نهض الصغار بهمة ونشاط وتناولا فطورهما ولم يسألا أمهما عن شيء .. فاحتارت خديجة للأمر وقالت في نفسها : لعلهم نسوا الأمر وما حدث الليلة الماضية ..
وسمعتهما يتحدثان مع بعضهما عن الليلة الماضية وكيف اخذهما المهدي والتقوا بوالدهما فذهلت وراحت تستطلع الأمر فقالا : أن الإمام المهدي اتاهما بعدما ناما واخذهما راكبا الغيوم إلى ارض خضراء جميلة وسماء صافية لا هي بالليل ولا بالنهار ولا بالشتاء ولا بالصيف .. ووجدوا اباهما هناك وجلسا معه وحدثاه طويلا طويلا وطلبا منه أن يعود معهما فقال : لا استطيع العودة معكم ولكنكم ستأتون الي انتم وامكما بعد أربعين يوما
وبعد أربعون يوما مضت !! كان من الأمر ما كان !!!!!!!!!!


تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال