عمر الناصر ||
الكثير من الاراء ذهبت هنا وهناك والكثير من الشخصيات قد اخذت تحليل ابعاد وانعكاسات تنفيذ مشروع ميناء الفاو بطريقة بهلوانية تثير الرأي العام لاجل العودة مجددا الى برامج الشو الاعلامية التي تلجئ اليها عندما ترى بأن نسبة المتابعين قد اخذ بالانخفاض لعدم وجود خطاب يماهي ايدلوجياتها وسياساتها التي تسعى اليها للاسف الكثير من القنوات الفضائية ، تلك الفضائيات التي لا تبحث حتى في برامجها الحوارية عن جودة الاداء والاعتدال والوسطية واقتناص الاحداث بمهنية ذات دقة وواقية بقدر جذب ليكون عبارة عن اداة مبرمجة توجهه بعض الاصابع المحسوبة على السياسة من حيث يشعر ومن حيث لايشعر.
من اهم نقاط استمرارية وديمومة الاعلام انه يستند على ادوات المصداقية الثلاث الموجودة لدى الانسان وهي حواس اللمس والسمع والبصر التي تعيش الحدث بحذافيره لتقوم بنقله بحرفية عالية، تعادل بدورها اؤلئك الاشخاص الثقاة الناقلين للاحداث او الاخبار الموثوق بهم لامتلاكهم العناصر المذكورة اعلاه ، اي بمعنى اما ان ينقل وقع الاحداث بالاستعاضة واما ان يكون هنالك معايشة له بصورة شخصية وواقعية، على اعتبار ان المصداقية هي جزء من امانة السرد التاريخي الذي بالإمكان أن تستند عليه الأجيال القادمة ضمن مسارات امتدادات خطوط الطول والعرض الموجودة في التحديات المستقبلية ، على اعتبار ان التاريخ يعيد نفسه من جديد لنستنير من نجاحاته ولنتجنب مواطن فشله واخفاقاته.
لذلك ارى اليوم بأن هنالك نوع من الخطأ والتشكيك الذي يتخلل صفحات التاريخ وكل هذا بسبب عدم وجود ناقل آمين للأحداث والوقائع التي حدثت في الماضي لغرض الاستفادة منها في وقتنا الحاضر ، وعليه بات من المُلِحْ جدا اليوم ان نتحدث بموضوعية تامة قبل أن تتعالى الاصوات وأكون من ضمن الذين يتعرضون لسهام النقد اللاذع والتسقيط من قبل بعض الجهات المؤدلجة او المسيسة التي ما أنزل الله بها من سلطان، وعلينا كمختصين وأكاديميين أن نتحدث وفق مايمليه علينا الضمير والمنطق والمصلحة الوطنية التي ينبغي أن تكون هي ركيزة خرسانية تستند عليها جميع اتجاهاتنا وتطلعاتنا المستقبلية المشروعة.
لغة الإشارة بالعادة هي إحدى اللغات الحية التي تسهل مهمة الكثير من من لا يمتلكون القدرة على النطق، ولغة الجسد هي إحدى اللغات التي توصل بشكل مباشر أو غير مباشر للأفكار ومشاعر الخوف والحزن والسعادة او بقية الهواجس التي قد تحدد سلوك النفس البشرية، ولكننا اليوم اذا ما اردنا الوقوف على حقيقة أزلية فما علينا إلا تشغيل محركات العقل بأقصي طاقتها الاستيعابية من أجل أن نحصل على دقة ومصدر ووثيقة المعلومة الحقيقية بأمانة دوم تزييف او تحريف او ميول شخصية لجعل الرأي العام مشارك حقيقي في صنع القرار السياسي وفق مبدأ الديموقراطية وحقوق الانسان.
لقد كثر اللغط بما يتعلق بإنجازات الحكومات الماضية ولم نرى منها شي على أرض الواقع يرضي الحد الادنى لمستوى الطموحات ابتداءاً من فكرة مشروع ميترو بغداد التي طرحت منذ عام ١٩٨٠ وامكانية تصدير الكهرباء عام ٢٠١٣ كما روج له احد الوزراء السابقين وانتهاءاُ بالمشاريع والاتفاقيات الاستراتيجية الاخرى التي تنقل العراق نقلة نوعية على اعتبار أن القاصي والداني اصبح لديه اشباع وتخمة مفرطة من الحديث بهذا الصدد، ،ومن ضمن هذه المشاريع التي كثر الحديث عنها منذ عام ٢٠٠٧ هو موضوع ميناء الفاو الكبير ،لن ادخل إلى أعماق وتفاصيل فكرة المشروع ومن هي الجهات الاكثر نفعاً وفائدة وطريقة تنفيذه التي اثارت حفيظة اطراف دولية واقليمية لكونه سيضرب قطعاً واقع اقتصادياتها، وليكون نقطة تحوّل جذرية تعيد التوازن بين القوى في الشرق والغرب تجذب انظار العالم اليه ليكون بذلك العراق هو عنصر مؤثر يمسك بكونترول حركة الاقتصاد العالمي ليساهم بتمكين السيادة العراقية التي تجعل منه كعبة للرفاهية والازدهار الاقتصادي اذا ما تم تحقيقه بالشكل الذي هو مخطط له .
الحميع يعلم بأن اتجاهي السياسي مستقل ولن اصطف مع جهة على حساب جهة أخرى على اعتبار ان مثل هذا الموضوع هو ملف سياسي بامتياز وتتدخل فيه ارادات دول إقليمية لها المصلحة الكبرى من عدم إنجازه او على اقل قدر عرقلته قد يكون من احل كسب الوقت لاجل ايجاد نقطة اخرى بديلة في منطقة اخرى تستطيع ان تكون منافسة لميناء الفاو مثل ميناء مبارك من اجل ان لا تبقى رقبة الدول المتضررة من هذا المشروع العملاق ان يكون تحت سكين الارادة العراقية.
وبعيداً جداً عن ايهما انسب للعراق واين تتواجد المصلحة الوطنية، ان كانت بالذهاب الى فسخ العقد الحالي وتحملنا الشروط الجزائية لغرض الذهاب الى التنين الصيني لاجل الاستمرار بانجاز المشروع، او الاستمرار مع شركة دايو الكورية وعدم الانصات لما يقوله بعض المختصين واصحاب الرأي ، ومع ذلك فإنني اليوم سأتحدث عن ما رأيته امام ناظري على أرض الواقع واقدمه بين يدي القارئ يما تقتضيه الأمانة التاريخية التزاماً بالمهنية لتكون اجابة حقيقية عن السؤال الازلي الذي يؤرق جميع من يتحدث به عبر الفضائيات أو حتى المواطن البسيط الذي يريد ان ينعم بجزء بسيط من الاستقرار الذهني والنفسي والازدهار الاقتصادي،لانه يتسائل دوما هل حقا هنالك انجاز ملموس في ميناء الفاو الكبير؟
الجواب .. نعم !! هنالك إنجاز ملحوظ في البنى التحتية التي تعد هي القاعدة الاساسية التي يرتكز عليها الميناء، ابتداءا لا يمكن أن ينجز أي مشروع حتى وإن كان صغير قبل أن تتوفر له الأدوات و الأمور اللوجستية التي ينبغي تهيئتها سلفاً لغرض البدء بالتنفيذ ، وهذه هي أولى الخطوات التي لاحظنا تواجدها من قبل دخولنا الموقع ابتداءا من الطريق الذي يوصل ميناء الفاو بميناء ام قصر وانتهاءاً ببقية أعمال البنى التحتية والطرق الداخلية الاخرى وكاسر الامواج الشرقي والغربي ، وهذا مارأيناه من خلال العدد الهائل من الشاحنات والناقلات التي تنقل مواد الحجر والرمل المتوجهة إلى الميناء والمتواجدة على طول الطريق الواصل بين مدينة البصرة وحتى دخولنا إلى الموقع.
– السدود الصخرية وحوض النفق والطرق الداخلية تعد جزء من عقود المرحلة الأولى وهي من اهم ٨ مشاريع ،تنفيذ الطريق الذي يربط ميناء الفاو مع ميناء أم قصر الذي قد دخل في مراحل متقدمة ، اذ يبلغ طوله أكثر من ٦٣ كيلو متر ويتصل في نهايته بنفق في خور الزبير يمتد بمسافة ٢ – ٣ كيلوا متر مغمور تحت الماء ليتوجه بعدها إلى الطريق الدولي الذي ينقل البضائع باتجاهات متفرقة بالاضافة الى عقد مشاريع الأرصفة الخمسة ومحطة الحفر البحري للميناء التي تم توقيعها سنة ٢٠٢٠ .
– كاسر الأمواج الغربي الذي تم انجازه ويبلغ طوله أكثر من ١٦ كيلومتر يعتبر اطول كاسر أمواج في العالم وفي منطقة الشرق الاوسط وقد يدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية، وكاسر الأمواج الشرقي الذي يبلغ طوله أكثر من ٨ كيلو متر قد اصبح مجهز بالكامل. – عملية فحص التربة وأعماق الأرض كانت جارية على قدم وساق من خلال استخدام مكائن عملاقة لدق الركائز التجريبية النموذجية في أعماق الأرض على بعد ١-٢ كيلوا متر من مكان التنفيذ لمعرفة كيف ستكون مراحل صب الأسمنت التي سوف تستخدم في بناء الأرصفة.
– المدة الزمنية المقررة لانجاز تلك الارصفة هي في عام ٢٠٢٥ ، أما إنجاز مشروع ميناء الفاو الكبير بصورة كاملة وشاملة فمن المتوقع أن يكون في عام ٢٠٤٠.
– من ضمن مخطط الماستر پلان توجد هنالك الكثير من المؤسسات والمنشآت التي سوف تكون داخل مشروع ميناء الفاو الكبير منها مصفاة للنفط ومنطقة تجارة حرة وقاعدة عسكرية بحرية ومجمعات سكنية ومصنع بتروكيماويات بالإضافة إلى أمور أخرى، لكن رغم ذلك تبقى هنالك تحديات اخرى سياسية وجغرافية موجودة منها حقول الألغام التي تم تحديد مواقعها ووضع إشارات من أجل ادخال فرق معالجة الألغام التي تسهل الاستمرار في العمل.