نعيم الهاشمي الخفاجي ||
من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، هذا القول إلى الإمام علي بن أبي طالب ع، المربي الكبير الإمام أبا الحسن ع أعطانا قاعدة أخلاقية بضرورة أن نشكر المخلوق إذا عمل عمل جيد، وقرن ذلك بشكر الله عز وجل، الغاية تشجيع الناس على فعل الخير، هناك فرق بين أن تقدم الشكر للرئيس والزعيم والوزير والموظف الذي يتعامل مع الناس بالحسنى وبين النفخ والتطبيل، لذلك نشاهد ظاهرة نفخ المسؤول بالدول الفاشلة، دفع الناس ولا زالوا يدفعون ثمنها الغالي، لأن إحاطة العناصر المتملقة بالرئيس والزعيم والحاكم، بسبب هؤلاء المتملقين يصاب الحاكم والمسؤول بداء العظمة، فرعون طغى واستكبر عندما شاهد الناس تبجل به، بحيث أمرهم أن يسجدون له وقال لهم أنا ربكم الأعلى، ما نلاحظه من كثرة المتملقين في دول الشرق الأوسط في مدح الزعماء من ذويهم وتابعيهم وحواشيهم ومؤيديهم لا قيمة له، هؤلاء يتملقون ليس للعمل الحقيقي الذي أنجزه هذا الرئيس وذلك الزعيم، وهؤلاء الحواشي دائماً يمدحون الزعماء كمدح أم العروس لابنتها وهم لا يعرفون إن شهادتهم مجروحة لا قيمة لها ، وهي أحد أسباب فشل الرئيس والزعيم والقائد ، وقد زادت هذه الظاهرة وأصبح التطبيل الإعلامي ظاهرة ممقوته وكأن هؤلاء الرؤساء والقادة من الفاتحين رغم حالات الفشل والظلم المستشري بغالبية الدول العربية.
هذه مشكلة باتت سائدة للأسف، وأصبح الكلام والتحليل يخضع إلى حب فلان زعيم تنفخه وإن كان مجرم وأكره فلان زعيم تنسب له كل الموبقات، المصيبة عندما تحول الحسنة الى سيئة بغضا وتحول السيئة الى حسنة حبا، يتحول الخائن والمطبع بطل والمناضل مرتزق وعميل.
أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال، من أُعجِب برأيه ضلّ ومن استغنى بعقله زَلّ، ومن تكبّر على الناس ذَلّ ومن سَفِه على الناس شُتِم، و من خالط العلماء وُقِّر، ومن خالط الأنذال حُقِّر، مصدر الحديث بحار الأنوار ج ٧٤ ص ٢٨٠، حواشي الحكام وفيالقهم الإعلامية جعلت الكثير من الناس لايميز بين الخير والشر، بسبب غسيل الادمغة، لأن القدرة على التمييز بين الخير و الشر تكمن في عقل الإنسان، فإذا كان غالبية عقول أبناء المجتمعات العربية تعيش في بيئات اجتماعية فاشلة، أكيد تكون العقول مخدرة وجامدة.
معظم الطغاة الذين حكموا العراق عندما وصلوا للحكم من خلال قيام الاستعمار بتنصيبهم أو من خلال انقلابات العسكر، بيان رقم واحد يبشر العراقيين بالخير والسعادة ومحاربة الظلم، ومهما يكون الحاكم عاقل بسبب كثرة الناس التي تمدحه يصبح احمق وسفيه، إن الإفراط في المدح والتزلف للحكام والتملق للسلاطين من البطانة وأهل الولاء هو مُضِرٌّ بأحوال الحكم والسياسة، لأنه يحجب عنهم حقيقة الواقع ومعاناة الرعية، كما أنه مَدْعَاةٌ لتجبرهم وجبنهم وغطرستهم.
والناظر في صفحات التاريخ الإسلامي والعربي يلاحظ ذلك بشكل واضح بحيث يصبح الزعيم هو الذي يفكر وعلى الناس أطاعته وإن قادهم إلى حروب خاسرة لاتبقي ولاتذر، من الصعب على كل شخص عربي يملك عقل واعي وسوي أن يكون مقتنع بوجود زعماء عرب يخدمون امتهم وشعوبهم، لأنهم صنيعة استعمارية، الصحفي الأمريكي فيسك قال والدي اشترك بالحرب العالمية الأولى ليكي نصنع دول الشرق الأوسط الحالية، لذلك لايستحق غالبية الزعماء العرب إن لم يكن كلهم اي كلمة مديح، فهم صنيعة استعمارية، لم نذق منهم سوى الظلم والقهر والسجن والتغريب خارج أوطاننا، لم يحصل المواطنيين العرب من زعماء العرب إلا الويل والفقر والجوع والذل والمهانة والهزائم، ذاكرتنا تبقى ماثلة إلى فرق الطبالة من مطربين ومطربات وشعراء يلقون القصائد والأهازيج في مدح الطغاة امثال صدام جرذ العوجة الهالك وممن هم على شاكلته، بل وفي المدارس يجبرون الطلاب على ترديد اغاني تمجد جرذ العوجة الهالك، أينما تذهب لعواصم دول العرب فالجميع على اختلاف انظمة حكمهم سواء،جمهوري أو ملكي أو أميري ليسوا أكثر من عبيد للدول الكبرى، أما فيالق الإعلاميين والمطبلين في جميع دول العرب فهم خدم إلى الزعيم الأوحد وهم ليسوا أكثر من خدم له ولزوجته رضي الله عنها وأرضاها ذخرا لأمة العرب، يولد ابن الملك أو الرئيس في المهد ليصبح زعيم ورئيس علينا رغم انوفنا، نخلص من ظلم الطغاة بالموت، يحل ابنائنا واحفادنا ليتعرضوا للظلم من ابن وحفيد الدكتاتور الذي أذاقنا مرارة الظلم والقهر.
نماذج من مرتزقة الحكام، عدي الكسيح فقد بطاقته التموينية، وفي اليوم الثاني كتب الكثير من الكتاب بصحف نظام البعث مقالات أن عدي صدام حسين لايملك شاي وسكر بسبب فقده للبطاقة التموينية، الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس شرطة دبي، كتب عن اعلان علاقات الإمارات مع بني صهيون الدبلوماسية العلن ليقول إن اتفاق السلام مع إسرائيل من شأنه أن ( يلجم أفواه قادة أمريكا وتهديداتهم للقادة العرب).
وايضا قال، ( السلام مع إسرائيل يربك صناع السياسة الغربية في منطقة الشرق الأوسط، السلام العربي مع إسرائيل يلغي الدور الغربي العنتري تجاه المنطقة في الشرق الأوسط، السلام مع إسرائيل ينهي التبجح الغربي بحماية أمن إسرائيل، السلام مع إسرائيل يلجم أفواه قادة امريكا وتهديداتهم للقادة العرب).
انا لست بصدد التحدث نيابة عن الشعوب العربية، وانا لست بصدد التحريض ضد أي دين أو مذهب بقدر نعرض نماذج الدجالين والكذابين المحيطين بالحكام العرب الذين يؤيدون الحكام بكل فعل يفعله الحاكم ويعتبر ذلك الفعل موافق إلى القيم والدين والاعراف.