جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف أهداف حرق القرآن الكريم،قراءة وفق بيان الإمام الخامنئي(دام ظلّه الشريف)

أهداف حرق القرآن الكريم،قراءة وفق بيان الإمام الخامنئي(دام ظلّه الشريف)

حجم الخط

 

محمّد صادق الهاشميّ ||

مَن يُراجع سِجِلّ الغرب الطويل ومدارس الاستشراق،يجده حافلًا بالهجوم المخطّط بكلِّ السُّبُل على الإسلام لتشويه الصورة المثاليّة له،وقد بالغوا في رسمِ صورةٍ مشوّهةٍ عن الإسلام من خلال حربِهم الناعمةِ والتركيبيّة لتكوين مُخيَّلة غربيّة عالميّة سلبيّة عن الإسلام تحت شعار ومخطط ( الإسلامفوبيا )،ونجدُ في مدارسهم ضد الإسلام وعبر التأريخ تشويهًا للقرآن والشريعة،وحربًا على المسلمين،واستباحةً للدّماء،ومصادرةً للحرّيات،وشنّ الحروب وتدمير المجتمعات،وخير دليل احتلالهم لفلسطين، والحرب ضد افغانستان والعراق.

وبعد أن انتصر محور المقاومة في منطقةِ غرب آسيا،ولأسبابٍ كثيرةٍ وأهمّها استعادة الإسلام لمكانته العالميّة بقيادة الإمام الراحل السيد الخميني(قده) والإمام الخامنئي(دام ظلّه) ودعم المرجع السيد السّيستانيّ(دام ظلّه) وتشكيل أُمّة المقاومة في العراق،أخذ الغرب يشنّ عدوانه بدرجة أكثر خطورةٍ،وبالنحو الذي وصفه الإمام الخامنئي في بيانه ضد عمليّة حرق نسخة من المصحف الشّريف بإجازة الحكومة السّويديّة؛وصفه السيّد الإمام الخامنئي بـ (إعلانِ حربٍ على المسلمين).

ومع أنَّ المنهج الغربيّ الصّهيونيّ قديمٌ وعامٌّ في استهدافه للإسلام والمسلمين،إلّا أنّ عملية حرق المصحف الشريف بإجازة الحكومة السّويديّة ومنح الحماية للملحد ــ وبنحوٍ مكرّر ــ وأمام السفارة العراقية و رافقه حرق العلم العراقي وصور السيد الإمام الخامنئي(دام ظلّه)،فإنّ الأبعاد والأهداف يمكن الحديث عنها وذكرها بما يلي :

١- إنّ الهدف الأوّل يتمثّل بإرباك الأمن في العراق بعد أن تمكّنت حكومة الإطار من توفير فرصة استقرار أمني،وتمكّن الإطار من تشكيل حكومة قادرة على القيام بمشاريع خدمية جيدة نوعًا ما،وإنّ هذا الأمر لا يروق للصهيونية ولا الغرب الكافر؛لأنّهم يعلمون إن تمكّن الإطار من فرض سيطرته،فهذا يعني المزيد من الخسارات و الانكسارات للغرب في العراق والمنطقة،ومعناه أنّ المقاومة والحشد الشعبي تكون لهم فرصة كبيرة للحكم و التجذُّر في الدولة العراقية.

٢- الغرب وأمريكا يريدون من عدوانهم على العراق معاقبته؛لأنّه عَصيٌّ عليهم في تقبُّل فكرة التطبيع مع الكيان المُزال،وفي تقبُّل الثقافة الغربيّة،وإنّ أمريكا تشعر بالفشل الذريع في العراق؛لأنّ الشعب العراقي ــ بحكم مواقفه ونموِّ خَطّ المقاومة فيه وتطوّرها، وبسبب قوة الشعب العراقي في الحفاظ على الفكر الإسلامي الثوري ــ فإنَّهُ شعبٌ خارج سيطرة أمريكا كما يرون وتلك هي الحقيقة،وبهذا فإنّ أمريكا فشلت في مخطّطها الذي كانت تتوقع منه أنّها حينما تحتلّ العراق فإنّها تتمكّن من تقطيع أوصال المقاومة،وتتمكّن من تطويع الشعب العراقي لثقافتها وآيدولوجيّتها وسياساتها ــ قهرًا او اختيارًا ــ ومن هنا شنّت المنظمات الصهيونية هجومًا على الشعب العراقي وعلى دينه،ومِنهُ يتمُّ ضرب الإسلام في العالم أجمع،إلّا أنّ المستهدف بحكم مخرجات وآليّات الجريمة هو العراق،والدليل هو أنّ الذي قام بالفعل عراقي وفي باب السفارة العراقية وبنحوٍ مكرر في السويد والدانمارك .

٣- تزامنَ هذا الفعل برأي البعض من المحلّلين مع إلقاء القبض على الجاسوسة الصهيونيّة (اليزابيث تسوركوف) التي دخلت العراق بجوازِ سفرٍ روسيّ،وتحت غطاء (باحثة)! وأرادت اختراق التّشكيلات الجهاديّة في العراق والشعب العراقي، وليس بعيدًا أنّ الكيان المؤقت أرادَ من خلال السّويد الضغط على العراق لإطلاق سراح الجاسوسة الصهيونيّة قبل أن يتم كشف خيوط اللُّعبة القذرة والأذرُع المرتبطة بها،والمَهمّة الموكلة لها،سيّما أنّ الكيان الصهيوني وبأعلى مستوًى ــ وهو مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ــ بتاريخ ١٢/ ٧ /٢٠٢٣ صرّحَ بأنّها مواطنة من الكيان الغاصب،وأنّها معتقلة،كما أشارت التقارير أنّ الذي قام بحرق القرآن الكريم هو فردٌ عراقي كان يعمل جاسوسًا للموساد الإسرائيلي.

الإعلان عن خبر اختفائها بعد مرور أربعة أشهر أثار تساؤلات عديدة في الأوساط العربية؛لماذا صمت الاحتلال كلّ هذه المدة؟وما هي المهمة التي أُرسلت من أجلها إليزابيث إلى العراق؟ فضلًا عن كثيرٍ من الشكوك بشأنِ دخولها بجوازِ سفرٍ روسيّ، موكلة إليها مهام وظيفية متعددة وثّقتها عبر حساباتها في منصات التواصل الاجتماعي.

قناة ((كان)) الإسرائيلية، قالت إنّ تسوركوف مجنَّدة سابقة في(الجيش) الإسرائيلي، ومعروفة كباحثة في الشؤون السورية،ومعلِّقة على شؤون الحرب الأهلية التي اندلعت هناك عام 2011،ودخلت بجوازِ سفرها الرّوسيّ إلى العراق.

الجدير ذكره أنّ تسوركوف عملت على إعداد أبحاث ميدانية في العراق وسوريا وفلسطين المحتلة خلال السنوات الماضية لمصلحة معهد أبحاث السياسة الخارجية ومقرّه (فيلادلفيا) في أميركا،ومنتدى التفكير الإقليمي (وهو مركز أبحاث إسرائيلي مقرّه القدس المحتلة)؛لذلك لا يستبعد بعض المحلّلين أن يكون لها دور خطير لأجله تضغط إسرائيل من خلال السّويد لإطلاق سراحها.

٤- ويذهب البعض من المحلّلين الى أنّ أمريكا بعد ان شعرت بالفشل في العراق والمنطقة عسكريًّا وأمنيًّا بسبب هزيمتها في سوريا ولبنان وإيران واليمن والعراق وفلسطين،لم يبقَ أمامها وأمام الصهيونية إلّا حلقات الاستفزاز بحرق القرآن الكريم،ومسلسل الدولار الذي تضغط به على العراق لشن الحرب الاقتصادية عليه،والذي تمثَّلَ بغلقِ أكثرِ من ( 18) مصرفًا الى الآن،فضلًا عن رفع قيمة صرف الدولار وغيرها من الحلقات والسيناريوهات.

٥- إنَّ جريمة حرق نسخة من القرآن الكريم كانت لمعاقبة حكومة السيد رئيس الوزراء شياع السوداني لتقاربه مع خط المقاومة والحشد،وعَقْدِهِ اتفاق (النفط مقابل الغاز) وضربَ أمريكا عَرض الحائط،ولقائه السيد بشّار الأسد،وقيامه برفض الانصياع لأمريكا في الكثير من الأمور،وبهذا فَهُم ـ أي الصهيونيّة ـ أرادوا جرّ السيد شياع الى نقاطٍ ساخنة،وأزمات داخلية على غرار ما فعلوه مع حكومة السيد عادل عبد المهدي.

٦- ومن المحللين من يذهب الى أبعدِ من هذا بأنَّ عمليّة حرق نسخة من المصحف الشريف الهدفُ منها تدمير هوية المسلمين الذين يشكّلون نسبة عالية في أوروبا وفي نموٍّ مطَّردٍ،ممّا يشكّل خطرًا على البِنية السكّانية والدّيانة المسيحيّة واليهوديّة لديهم،وإنَّ تواجد العدد الكبير من المسلمين في أوروبا يغيّر من هُوِيّة أوروبا وديانتها وواقعها السكّاني مستقبلًا، خصوصًا أنّها تعاني من تراجع في الولادات ونموّ كبير في السكّان المسلمين المهاجرين إليها، فليس أمام الغرب والمنظمات الغربية إلّا شنّ العدوان على الثقافة الإسلامية من خلال نشر المثلية والجندر ومضايقة المسلمين وحرق القرآن الكريم واستفزاهم لإجبارهم على تقبُّل الواقع الغربي.

٧- أيضًا من الأبعاد الأخرى أنَّ الغرب الصهيوني بقيادة أمريكا يعتقد أنّ الإسلام هو الخطر الحقيقي على مشروعه في المنطقة كما صرّح (فوكاياما)؛هذه الأمة الإسلاميّة التي تبلغ أكثر من مليارَي مسلم، والذين استعادوا هُوِيّتهم بفعل الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخمينيّ(قده) والإمام الخامنئي وفتوى المرجع السيستاني (دامت بركاتهما) وإنّ تلك الحقيقة أجهضت المخطط الأمريكي وأنهت قطبيّته الأُحادية،وبفعل الثورة الإسلاميّة وتشكيل واقع المقاومة الإقليمية في المنطقة، والانتصارات التي تحققت للمسلمين في غزّة الكرامة،فاليوم تتشكل قطبيّة إسلامية عالمية تلتحق بالقطبية الثنائية الدولية المعارِضة للقطب الأمريكي وممانِعة لقيادته للنظام الدولي،لذلك عبَّر الإمام الخامنئي بقوله: (إنّ هدف هجمات الاستكبار هو أصل الإسلام والقرآن ) وقال أيضًا: (إنّ هذه الإساءات دليلٌ على عِداء الاستكبار لمبدأ الإسلام والقرآن) وقال أيضًا: (على الحكومة السّويديّة أن تعلم أيضًا أنّها بمساندة المجرم اتخذت اصطفافًا حربيًّا تجاه العالَم الإسلامي ) وحذر السيد الإمام بقوله : (المتآمرين خلف الكواليس).

نعم؛الغرب أدركَ حجم الخطر وقدرات المسلمين وخط المقاومة منذ زمان بعيد بعد فشل في مواجهة إيران ولبنان وغزّة واليمن والعراق، فليس أمامه إلّا سيناريوهات الفوضى الخلّاقة من خلال استفزاز المسلمين.

٨- ومن الأهداف الأخرى كذلك أنّ الغرب يعاقب المسلمين على تضامنهم مع التحوّلات العالمية التي تقف بالضد من القطب الأمريكيّ الأُحاديّ في دعم روسيا والتماهي مع الصين والمحور الذي يُقال عنه (شنغهاي) و(بريكس)،فحتى لا يذهب العراق بعيدًا عن القبضة الأمريكية، ولا يكون عاملًا في إرخاء القبضة الصهيونية على العالَم،وإضعاف القطب الامريكي في قيادة العالم،لأجل هذا سعت لضرب المسلمين لعلّها تتمكّن من إشعال حرب داخلية أو تأزيم علاقتهم مع الميحط الغربي وخلق أزمة دبلوماسيّة.

نعم هذه هي أهم التفاسير،وليس الجريمة التي قامت بها السويد بإجازتها لحرق نسخة من المصحف الشريف إلّا نابعة من طبيعة الجذر القانوني لدساتير الدول الغربية والتي تمنحها حرية التعبير ــ كما يقال ــ زيفًا، وإلّا لماذا هذه الحرية لا تجوز مع الديانات الاخرى والتي تُعدّ بالمئات،فهل حرقَ الغرب صورة بقرة؟! طبعًا لأنّهم لا يريدون جرح مشاعر الشعب الهندي، وأيضا كمثال آخر أنّهم لم يسمحوا بحرق علم الشواذ (المثليّين)؛بل القانون يعاقب بالسجن للحارق (15) عامًا في أمريكا،وبهذا هي جريمة يراد منها أهداف خطيرة، وأبعاد عميقة لخّصها الإمام الخامنئي بقوله أنها (إعلان حرب)،هذه الأهداف تنطلق من عُقَد قديمة وجديدة تتجدّد، وتكون أقسى مع انتصارات المقاومة والمنهج الثوريّ الإسلاميّ وتقدُّم الشيعة لقيادة المنطقة .


تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال