علي كريم الشمري
أتفهم جيدا حجم الامتعاض والصراع الداخلي الذي يعيشه عدد من “القادة والزعماء السياسيين” الذين كان لهم دور أساسي في إدارة مركز القرار في البلاد بعد عام 2003 بسبب توهج نجم الشيخ قيس الخزعلي وتزايد شعبيته وتحوله لقطب مهم للعملية السياسية تتمحور حوله مخرجات أبرز القرارات الداخلية والخارجية التي أفضت إلى واقع جديد ومختلف تعيشه البلاد في الوقت الراهن، وهو ليس ابن مرجعا دينيا أو زعيما سياسيا أو شيخ عشيرة كبير أو رأسمالي ولا حتى تاجر!! وإنما هو نتاج عائلة محافظة ملتزمة بسيطة، مقاوم رفض الخضوع للاحتلال، شروگي أصيل لم يتخلَ عن اهله ومبادئه لتحقيق مكاسب ضيقة أو مغانم زائلة. السر كذلك يكمن في تخطي الشيخ الخزعلي الانتماءات الحزبية الضيقة، والتمسك بالمصلحة الوطنية والتفكير بعقلية الجمهور لا بعقلية القادة والانشغال في إنصاف المظلومين والمهمشين والسعي الدؤوب لرفع الحيف عنهم كونهم قدموا الكثير للبلد ، وتاجر بتضحياتهم ودمائهم البعض دون إنصافهم ولو بالحد الأدنى. ثمة شعور بالأمل والاستعداد للإصلاح بموازاة اعتقاد عنيد لدى جمهور واسع بأن النظام السياسي سيستمر في مسيرته المتعثرة، وهذا الأمر أفرز لنا وضعا جديدا لم يكن ليدركه الكثير من السياسيين في صفوف الحركات والأحزاب والتيارات، ان إشكالية تفكيك رمزية الزعيم السياسي وإعادة تركيبها وفق معطيات المرحلة الراهنة وظروفها، وهي صفحة تاريخية جديدة تفتح وتقرأ، ويبدو حيالها المواطن العراقي بشكل عام وقد بدأ يتحرر من “قفص الأحزاب والقيادات الكلاسيكية” ليجرب أفق الفرد الشجاع الرافض للصفقات وقرارات الدهاليز المظلمة والذي يتميز بحنكة ورؤية سياسية عابرة لحدود النمطية . لم يعد هذا المواطن مقتنعا بخطاب الأحزاب التقليدية التي مهما حاولت تغيير جلد أسمائها إلا أنها تظل رهينة الأيديولوجيا بكل جمودها وعصبيتها، ولم تعد تقنعه خطب الشخصيات السياسية الباحثة عن الزعامة التقليدية التي صنعتها مؤسسات وأيديولوجيات تعود إلى منتصف القرن الماضي. لقد تغيرت سيكولوجية المواطن ومعه تغير أفق الاستقبال السياسي. لم يعد الكلام العام والفضفاض عن البطالة وعن تدني مستوى الدخل الفردي والكثير من المشاكل الخدمية وغيرها التي لطالما كرروه مع كل موعد انتخابي، مقنع للجمهور واصبح حديث مستهلك لايثير شهية المواطن المتعطش للواقعية والصدق في تنفيذ الوعود ،فهذا المواطن يبحث عن خطاب مقنع جديد متحرر يقرأ مشاغل الناس باجتهاد فردي، وهذا لن يأتي إلا من زعيم شاب تعضد جهوده قيادات مجاهدة في حركته والذي انتفض على كل المفاهيم التي ارتضت أو تقبلت فكرة التعايش تحت عباءة الاحتلال الأميركي ورفض الدخول بالعملية السياسية إلا بعد التحرر من هذا الاستعمار إن صح التعبير كونه يرفض الخضوع والاستعباد للآخر مهما كانت المكاسب. ان تقبل أي محاولة لإعادة تشكيل الوعي الجمعي للصورة الرمزية للزعيم الأوحد، ومن يدعي بديلا له أو مقترحا آخرا عنه فهو متآمر وخائن وأفكاره هدامة، وهذا عكس مايؤمن به الشيخ الخزعلي الذي أسس لثقافة المشاركة في صنع القرار وفق الاستحقاقات الحقيقية وتمسك بالمشورة وابتعد عن الفوقية والنرجسية واستمر بالتعامل مع أهله وناسه بتواضع كبير.
تحالف نبني الذي يلعب الشيخ الخزعلي الدور الأهم والابرز فيه يسعى بشكل جاد إلى قلب معادلة الإخفاقات والفشل في عدد من الملفات أبرزها الخدمية وتحديدا في الوسط والجنوب وتدشين عهد جديد من الانجازات دون شعارات زائفة وبرّهان المنتصرين وأصحاب الأيادي البيضاء، رجال الحق الصادقون قولا وفعلا.