ذكرى أستشهاد الإمام الباقر عليه السلام
هلم بنا نبكي على بـــاقـــــر العلــم .. سليــــل النبـــي المصـطـفــى الأُمّــي
على لذّة العيش العفا بعد ما قضــى .. شهــيــــــداً بــلا ذنــب أتـــاه ولا جــــرم
له طول حزني ما حييـت وحــرقتـــي .. ونوحـي ولو أنّ البكا قد بـــرى عظمــي
سقاه على رغم الوقى السمّ خفية .. هـــشـــــــــام ردي الأب والجـــــدّ والأُم
عليـه من الرحمــــن لعــــن مؤبّــــد .. بما سرّ من بغي وما سنّ من ظلم
الإمام الباقر (عليه السلام) هو الخامس من سلسلة الأنوار الربانية المنبعثة من نور النبي الأعظم “محمد” “صلى الله عليه وآله”، وهو ابن زين العابدين وسيد الساجدين الإمام علي بن الحسين (عليه السلام)، وكان عمره يوم استشهد جده الحسين (عليه السلام) في كربلاء أربع سنوات، حيث ذاق هو ووالده طعم الأسر المر على يد جلاوزة بني أمية.
أطلق رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشارة إمامة الباقر قبل أن يلد (عليه السلام) حينما قال لجابر بن عبد الله الأنصاري: (يا جابر إنّك ستعيش حتى تدرك رجلاً من أولادي اسمه اسمي، يبقر العلم بقراً فإن رأيته فاقرأه منّي السّلام) ،وقد حصل ذلك فعلاً، وقبل جابر قدمي الإمام الباقر (عليه السلام) وقال ” لنفسك الفداء يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إقبل سلام أبيك، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرأ عليك السلام، قال: فدمعت عينا الإمام الباقر (عليه السلام) ثم قال “يا جابر على أبي رسول الله السلام ما دامت السموات والأرض وعليك يا جابر بما بلّغت السلام”.
فالنبي هو أول من أطلق عليه لقب الباقر وقد جمع شرف النسب النبوي القرشي من جانبيه فهو ابن علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين، فأمه هي الصديقة الطاهرة فاطمة بنت الإمام الحسن (عليهما السلام) التي يقول فيها الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): (كانت صدّيقة لم تدرك في آل الحسن مثلها) ، ولقد انحدر الإمام الباقر(عليه السلام) من سلالة طاهرة مطهّرة ارتقت سلّم المجد والكمال وكان أفرادها قمماً شامخة في دنيا الفضائل بعد أن حازت على جميع مقومات الشخصية الإنسانية المتكاملة في مجال الفكر والعقيدة والعقل والعاطفة والإرادة والسلوك، حيث أخلصوا لله تعالى وذابوا في محبته وانصهروا في قيم الرسالة الإسلامية وكانوا ربانيين بحق، وبذلك أصبحوا عِدلاً للقرآن الكريم بنصّ الرسول الأمين، والقدوة الشامخة بعد الرسول(صلى الله عليه وآله) والأمناء على تطبيق الرسالة الإسلامية والقادة المعصومون المؤهَّلون لتوجيه الأمة وتربيتها وإدارة شؤونها وتلبية متطلّبات تكاملها وتحقيق سعادتها دنياً وآخرةً.
ونختم ماكتبناه عن الإمام الباقر (عليه السلام) ببيتين للإمام قالهما في معنى طاعة الله وتجنب معصيته:
تعصي الإلهَ وأنتَ تظهر حبَّه *** هذا لعمركَ في الفعالِ بديعُ
لو كانَ حبُّكَ صـادقـاً لأطعته *** إنَّ الـمحبَّ لمن أحبَّ مُطيعُ