د . صفاء السويعدي ||
وهو الشهر الثاني من الشهور العربية بعد شهر المحرم الحرام .
وسُمي شهر صفر بذلك لأصفار مكة من إهلها أذا سافروا فيه قاصدين ديار أخرى .
وقيل : لخلو بيوتهم منهم حين يخرجون للقتال والأسفار فيقال ” صَفِرَ ” المكان : أذا خلا ، قال الخليل : ” صفر : الشيء الخالي ، يقال : صفر يصفر صفراً وصفورا فهو صفر صحر ، والجميع والواحد ، والذكر والأنثى فيه سواء ” .
وجاء في أحسن التقويم للسيد عبد الله شبر : ” سمي صفر بذلك لأنه يصادف أصفرار الثمار فيه “.
وكان للعرب أعمال منكرة وغير صحيحة وهي :
أولاً : التلاعب فيه تقديماً وتأخيراً ، فيجعلونه بدلا من المحرم كما قال تعالى : { إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } ( 37 ) التوبة .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” ألا وإن الزمان قد إستدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض وإن عدة الشهور عند الله أثنتا عشر شهراً في كتاب الله منها أربعة حُرِم ثلاثة متوالية : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب الذي يدعى شهر مضر الذي بين جمادى الآخر وشعبان والُشهر تسعة وعشرون يوماً وثلاثون ألا هل بلغت ، فقال الناس : نعم ! فقال : اللهم أشهد ! ” .
ثانياً : التشاؤم منه ، فقد كان أعتقادهم ( أي العرب ) في صفر مذموماً فأبطل الإسلام ذلك ، فلا يجوز التشاؤوم بأيام شهر صفر ولياليه فهذه أفعال الجاهلية التي أبطلها الإسلام .
وفي أول يوم منه سنة إحدى وعشرين ومائة : كان مقتل زيد بن علي بن الحسين ( عليه السلام ) .
وفي الثالث منه سنة أربع وستين من الهجرة : أحرق مسلم بن عقبة باب الكعبة ، ورمى حيطانها بالنار فصُدّعت ، وكان عبد الله بن الزبير متحصناً بها ، وأبن عقبة يومئذ محاربه من قبل يزيد .
وفي العشرين منه : كان رجوع حرم الحسين ( عليه السلام ) من الشام الى المدينة .
ولليلتين بقيتا منه سنة عشر من الهجرة : وفاة سيد المرسلين ( صلى الله عليه واله وسلم ) .
ولعل التشاؤوم ناشئ من ما يحويه هذا الشهر الكريم من مناسبات محزنة كما نرى .
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعله شهر خير وبركة على الأمة الإسلامية جمعاء وإن ينصر الإسلام والمسلمين على الكفار والمنافقين .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين .