جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف الفلر والبوتكس..تشويه الجمال يساوي غياب الإستقرار النفسي..!

الفلر والبوتكس..تشويه الجمال يساوي غياب الإستقرار النفسي..!

حجم الخط

 

د. عامر الطائي ||

تشويه الجمال الطبيعي بالفلر والبوتكس: كشف لغياب الاستقرار النفسي والقلق وغياب القناعة

عندما ننظر إلى المرآة، يتراءى لنا جمالنا الطبيعي بكل نقائه وبهائه، جمالٍ أُعطي لنا كهدية من الخالق، يحكي عن أصالتنا وتفردنا، ويعبر عن هويتنا التي لا تقبل التكرار. لكن، في السنوات الأخيرة، بدأنا نرى ظاهرة متنامية تثير القلق، ألا وهي التوجه نحو استخدام الفلر والبوتكس لتغيير الملامح، وكأن الجمال الطبيعي لم يعد كافياً أو مرضياً في نظر البعض.

إن اللجوء إلى هذه الإجراءات التجميلية ليس مجرد تصحيح لبعض عيوب البشرة، بل هو تجسيد لظاهرة أعمق، تكشف عن أزمة نفسية وقيمية يعيشها الكثيرون. فالذين يسعون إلى تحسين مظهرهم من خلال هذه الوسائل ليسوا فقط يبحثون عن تغيير في الشكل، بل يهربون من واقع نفسي غير مستقر، ويبحثون عن طمأنينة لا يجدونها إلا في تغيير ملامحهم.

أولاً، يشير التوجه نحو الفلر والبوتكس إلى غياب الاستقرار النفسي والقلق المستمر. فالجمال الطبيعي، الذي يتجسد في ملامحنا وحركاتنا العفوية، يعكس شعورنا بالراحة الداخلية والرضا عن الذات. أما تغيير هذا الجمال تحت ضغط القلق والتوتر، فيعني محاولة متكررة للهروب من مواجهة الذات والرضا عن النفس. هذه المحاولات، التي قد تبدو سعيًا نحو الكمال، لا تكشف سوى عن انعدام القناعة بالنفس وافتقاد الثقة بالقدرات الطبيعية التي أُعطينا إياها.

ثانيًا، يبرز هذا الاتجاه أيضًا استهتارًا بالقيم الثقافية والأخلاقية. إن كل مجتمع يعتز بجماله الفريد، الذي هو نتاج للثقافة والتقاليد. عندما يقوم الأفراد بتغيير ملامحهم بشكل يعكس تقليعات غربية بعيدة عن سياقاتهم الثقافية،

فإنهم بذلك يبتعدون عن جذورهم ويخونون قيمهم. التغيير القسري في الشكل ليس فقط محاولة للتشبه بأخرين، بل هو إهانة للهوية الثقافية وتجاهل للقيم التي تشكل نسيج المجتمع.

أخيرًا، يمكن أن نرى في هذه الظاهرة استخفافًا بالعقول، وتأكيدًا على أن القيم الجمالية قد تحولت إلى سلعة تجارية. إن الانشغال بالتجديد الجمالي السطحي يعكس فقدانًا للتقدير الحقيقي للقيمة الذاتية والإنسانية. هؤلاء الذين يسعون إلى تغيير مظهرهم بواسطة الفلر والبوتكس،

قد يظنون أنهم يحققون الكمال، لكنهم في الحقيقة يبتعدون عن فهم عمق الجمال، الذي لا يأتي من شكل خارجي بل من جوهر الإنسان.

بعبارة أخرى، إن استخدام الفلر والبوتكس ليس سوى قناع يُستخدم لتغطية عيوب أعمق من مجرد ملامح البشرة. إن السعي وراء الجمال الصناعي هو صرخة من فرد يشعر بعدم الاستقرار النفسي،

ويفتقد القناعة والرضا، ويمارس الاستهتار بالقيم الثقافية والأخلاقية. لذا، علينا أن نعيد النظر في مفهوم الجمال، وأن نسعى لإدراك أن الجمال الحقيقي يكمن في الثقة بالنفس والرضا عن الذات، لا في التعديلات التجميلية المؤقتة التي تظل غير قادرة على معالجة العيوب النفسية والوجودية الحقيقية.

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال