عبد الزهرة البياتي ||
في الأول من شهر أيلول الحالي تكون قد مرّت سنة على ذلك الرحيل المفجع لشاعر العراق المعروف (كريم العراقي)..
سنة واحدة مرّت على غياب نخلة باسقة في الشعر والأدب والفن العراقي الأصيل.. في الثامن عشر من شباط عام (١٩٥3)،خلافا لما هو متداول بأنه من مواليد (1955)، أبصر العراقي النور في منطقة الشاكرية الشعبية ببغداد العاصمة..
وفي ظل افياء الوطن الدافئة كان نجم (العراقي) يبزغ ويتدفق شعره العذب مثل ماء رقراق.. كان علماً من أعلام الشعر وبيرقاً من بيارقه التي ظلت ترفرف خفّاقة وحنجرة ذهبية تهتف باسم الوطن الذي أحبه حدَّ العشق السرمدي وكتب لأجله ولعيون شعبه أجمل قصائده التي ما زالت وستبقى ترنُّ في ذاكرة العراقيين الى ما شاء الله من الزمن..
قبل أكثر من سنة تقريباً كتبت مقالاً مطولاً في الصفحة الثقافية لجريدة «البينة الجديدة» عبّرت فيه عن مشاعري ومشاعر العراقيين الجيّاشة وآمالهم بأن يعود (العراقي كريم) الى أعشاشه ومرابع الصبا والأهل والعشير كما هي الطيور المهاجرة وتمنيت له الشفاء من مرض عضال لازمه طويلاً فاضطره ليلقي جسده المنهك على أحد أسرة مستشفيات دبي في دولة الامارات،
لكن القدر كان أقوى مما نتمنى فمات في الغربة في الأول من أيلول عام (٢٠٢٣) ثم ليأمر السيد رئيس الوزراء ( محمد شياع السوداني) بنقل جثمانه الى أرض الوطن ليستتبع ذلك إقامة تشييع رسمي مهيب انطلق من مقر الاتحاد العام لأدباء وكتاب العراق بحضور لافت شارك فيه جمع غفير من أدباء وكتّاب وصحفيين وشعراء وفنانين وأوساط اجتماعية ورسمية ثم لتطوف جنازته حول ضريح الإمام علي بن ابي طالب(ع) في النجف الاشرف،
ليغادر الموكب صوب مقبرة النجف النموذجية الجديدة حيث ووري جثمان الراحل الثرى والدموع تنهمر من المشيعين الذين رافقوه الى هناك.
وأسجل هنا تقديري للمبادرة الرائعة التي قام بها الاتحاد العام للادباء والكتّاب في العراق التي تمثلت بتضييفه يوم الأحد الماضي،
الاول من ايلول (رابطة عشاق القيصر كاظم الساهر) حيث أُقيم حفل استذكاري للشاعر الراحل الكبير (كريم العراقي) وسط حضور غصّت به قاعة الجواهري وباحة الاتحاد بما رحُبت حيث ابتدأ الاستذكار بقراءة النشيد الوطني أعقبه قراءة سورة الفاتحة ترحّماً على روح الفقيد الراحل وشهداء العراق..
بعدها افتتح الامين العام لاتحاد الادباء والكتاب في العراق الشاعر (عمر السراي) بكلمة معبّرة ومؤثرة قال فيها:( ان كريم العراقي يمثّل بصمة عراقية بامتياز واستحقاق..
وكيف لا وهو الحامل لغة الوطن في ثنايا قصائده الشعرية والنجم الذي رحل عن سماء يحبها وكان رحيله خالداً وقد شيّعه أدباء الوطن من قاعة الجواهري واتحاده بحزن وألم). وقال اعلامي ( رابطة القيصر) أحمد ناصر في كلمته:( كريم العراقي يا أسطورة الشعر الأدبية، وطنياً عهدناك حتى أصبحت رمزاً أصيلاً كتاريخ لا زال ينهمر مجداً لغدٍ أجمل محباً، حتى موتك لم يكن اعتيادياً. رحل جسدك وبقي نبضك يضخّ دم الوطن في كل وريد فينا إذ عرفناك في الابداع معطاء بلا حدود وبلا قيود)..
وتميّز حفل الاستذكار بعرضٍ لفيلم وثائقي أعدّه الاعلامي (محمد جبار) استعرض حياة الراحل الشعرية والابداعية منذ طفولته حتى رحيله وتاريخ تعاونه الفني الطويل مع رفيق دربه الفنان (كاظم الساهر).
وفي الاستذكار صدحت الحناجر بقصائد رثائية ألقاها عدد من الشعراء منهم (ضرغام أحمد) و(خالد الكاتب)، وتخللته مداخلات لكتاب ومثقفين وأدباء وأصدقاء للعراقي.. وكان مسك الختام توقيع وتوزيع (١٠٠) نسخة من كتاب (كريم العراقي.. الطفولة والصبا والشباب) و(١٠٠) قصيدة مختارة عن منشورات الاتحاد بتحرير شقيقه الكاتب رحيم العراقي.
رحم الله( كريم العراقي) يوم صدحت حنجرته بما أوتيت حبالها من قوة.
الشمس شمسي والعراق عراقي
ما غير الدخلاء من اخلاقي