د. هيثم الخزعلي ||
سجل معدل الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية أعلى معدل له منذ ٢٨ عام.
بحيث ان وزارة الخزانة الأمريكية تدفع الان مقابل فوائد الدين العام اكثر من ميزانية الدفاع عام ٢٠١٨.
حيث وصل الدين العام الأمريكي الان اكثر ب ٣٪ من الناتج المحلي الاجمالي،وهو أعلى معدل له،منذ منتصف تسعينات القرن الماضي. ،ويغذي هذه الزيادة في الدين العام عجز الموازنة الأمريكية المزمن .
هذا العجز الذي يستمر بالزيادة بسبب اقتراض السياسيين، للانفاق على مصالح طبقة معينة وليس على الشعب الأمريكي.
وذكرنا في مقال سابق بعنوان (الدين العام الأمريكي وأزمة الرئيس القادم ) عن مأزق الدين الأمريكي الذي يواجهه الرئيس الأمريكي الحالي او القادم.
فهو لايستطيع خفض الانفاق بسبب تمويل الحروب التي تخدم مصالح شركات النفط والغاز ومجمع صناعة السلاح.
ولا يستطيع زيادة الإيرادات عبر زيادة الضرائب بسبب الخوف من رد فعل دافع الضرائب الأمريكي في الانتخابات.
الدين العام الأمريكي وصل ٣٥،٨ ترليون دولار ، وتجاوز بنسبة ٢٢٪ الناتج المحلي الاجمالي.
وهنا نتسائل من يملك الدين القومي الأمريكي، وباختصار معظم الدين الأمريكي يتوزع بالشكل التالي :-
أولا :- ٩،٢ ترليون دولار مملوكة لدول اجنبية، تستحوذ الصين واليابان على الجزء الأكبر منها.
ثانيا:- ٥ ترليون دولار مملوكة لصناديق الاستثمار المشتركة .
ثالثا :- ٣،١ ترليون دولار مملوكة للأفراد.
ووفقا لتقرير نشرته وزارة الخزانة الأمريكية في ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٤، فإن الحكومة الأمريكية انفقت على فوائد الدين القومي ٨٨٢ مليار دولار.
٨٨٢ مليار دولار سنويا حتى نهاية سبتمبر من هذا العام – حيث أن السنة المالية الأمريكية تنتهي في أكتوبر خلاف التقويم السنوي – اي بمعدل شهري ٣٨ مليار دولار شهريا.
اي ان الولايات المتحدة انفقت ما يقارب ٢،٥ مليار دولار يوميا على فوائد الدين العام في عام ٢٠٢٤.
مما يعني آن خدمة الدين هي الجزء الأسرع نموا في ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية.
وهذا امر مقلق لان كل دولار يذهب لتغطية فوائد الدين، يعني نقص في الاموال الموجهة لخدمة المواطنين.
والأكثر قلقا ان (قانون سقف الدين) تم تجميد مناقشته حتى عام ٢٠٢٥، اي لما بعد الانتخابات الأمريكية.
وهذا سيؤثر على نوعية حياة سكان الولايات المتحدة، وحياة الاجيال القادمة فيها.
والحقيقة آن الحكومات الأمريكية تشغل الناس بقضايا جانبية حتى لا يتسائلون حول القضايا الأساسية، مثل” تزايد عجر الموازنة وتزايد الدين القومي العام” ، وكيف ان تمويل الحروب يساهم بالتدهور الاقتصادي الأمريكي محليا ودوليا.
وتزايد معدلات خدمة الدين العام الأمريكي او الفوائد يعني تقليل الانفاق على البرامج الأخرى التي تمولها الحكومة الأمريكية.
مثل الضمان الاجتماعي، او الرعاية الصحية أو تطوير النظام التعليمي.
ولو عدنا لتقرير وزارة الخزانة الأمريكية السابق قي عام ٢٠٢٤، نلاحظ انه مع ارتفاع العجز وزيادة الدين العام، فإن خدمة الدين تحتل المركز الثالث في النفقات العامة في أبواب الموازنة بعد الرعاية الاجتماعية والضمان الصحي.
وتجاوزت مزايا قدامى المحاربين في مجال الرعاية والجانب الصحي، والدفاع الوطني، ثم يليها التعليم والنقل.
وهذا التسلسل يوضح أولويات الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تهتم بقدامى المحاربين، ولكنها تهتم بتمويل الحروب، وهذه مفارقة غريبة.
كما أنها لا تهتم بتطوير النظام التعليمي في الولايات المتحدة ، ولكنها ترسل مليارات الدولارات للخارج سنويا لتمويل الحروب.
وهذا ما يعزز عجز الموازنة، والذي قارب ٢ ترليون دولار هذا العام.
التقديرات تشير إلى أنه اذا لم يتم مراجعة قوانين الواردات والنفقات فإن نسبة الدين القومي الأمريكي مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي عام ٢٠٥٤ ستتجاوز ١٦٦٪.
وقد ذكرنا بأن الطبقة السياسية الأمريكية والتي – من المفترض أن تقوم بتقليل النفقات وزيادة الإيرادات والضرائب- من أجل تقليل الدين العام الأمريكي.
فأنها لا تستطيع خفض الانفاق لتمويل الحروب، التي تخدم النخبة من شركات الطاقة ومجمع صناعة السلاح..
ولا تستطيع زيادة الضرائب بسبب التخوف من رد فعل دافع الضرائب الأمريكي في الانتخابات.
وعليه تلجأ الحكومة لزيادة الاقتراض وبالتالي زيادة الدين العام، الذي إذا لم يعالج سيتجاوز الناتج المحلي الاجمالي الأمريكي، وتزداد نفقات خدمة الدين.
وبالتالي تراجع الاقتصاد الأمريكي، واعتقد ان هذا الأمر بدا مع زيادة الدين العام الأمريكي عن الناتج المحلي الاجمالي الأمريكي هذا العام.
وتلك الأيام نداولها بين الناس.. صدق الله العلي العظيم