أمين السكافي (صيدا لبنان) ||
عند نهار كل جمعة من الأسبوع أشاهد نفس المشهد تقريبا مساجد ممتلئة عن بكرة أبيها بالمصلين الملتزمين بصلاة الجمعة ولا أعلم إن كانوا يصلون الجمعة فقط أم يقيمون الصلاةفي كل الأيام فهناك بعض الأشخاص الذين فقط يهتمون بصلاة الجمعة والسيارات في الشوراع والمواقف أمام المساجد تغلق الطرقات وكعادتنا لا نهتم بما سيحصل إن أقفلنا الطرق على المارة المهم أن نقوم بواجبنا الديني ونؤدي قسطنا للعلى .
على جميع الأحوال ليس هذا المقصد من هذه المقالة وإن كان يستحق التوقف عندها لما فيها من إزعاج للمارة لأي مذهب أو طائفة أنتموا وليس المهم فقط أن نلحق بالصلاة بل المهم أن نحافظ على مكارم الأخلاق التي أورثنا إياها رسولنا الكريم وخاصة أن المسلم يؤجر عن إماطة الأذى (مهما كان هذا الأذى) عن الطريق صدقة ،ولكننا اليوم نتحدث عن تحول الإسلام من دين عقائدي إيديولوجي لا يتوقف بل مسيرته مستمرة إلى دين عادات وتقاليد وكأننا إنتزعنا منه جوهره .
وأفرغناه من محتواه فالمسلم اليوم يعتبر أن صلاته وصيامه وإن أستطاع للحج أو العمرة سبيلا فهو قد فعل كل ما عليه إتجاه إسلامه ولكنه بهذه الطريقة حوله إلى عادة أو تقليد توارثته الأجيال فالإسلام دين شامل يبدأ بطريقة شرب الماء حتى تصل إلى الشهادة في سبيل الله من خلال أي قضية محقة فلا نستطيع أن نصلي الجمعة وبعدها نذهب لتناول الغداء وأخذ قيلولتنا وهناك مسلمين يبادون أو يتعرضون لأسوأ المعاملة من قتل وتشريد وتعذيب وأسر مع العلم أن الصلاة عمادالدين .
ولكن لا خير في صلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر وأنا أحدثكم بحديث المساجد الممتلئة أذكر حديث للرسول الأعظم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟
قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن. فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال:
حب الدنيا، وكراهية الموت . ويكمل أفضل خلق الله إن من أعظم الواجبات الدينية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال الله تعالى: ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)).
روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر) فقيل له: ويكون ذلك يا رسول الله؟
قال صلى الله عليه وآله: (نعم). فقال: (كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، ونهيتم عن المعروف) فقيل له: يا رسول الله ويكون ذلك؟
فقال: (نعم وشر من ذلك كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟.
الإسلام دين شامل لا يقف عند حد معين ومن أولوياته الإهتمام بقضايا الأمة والبحث عن حلول عادلة وحديث الرسول يخبرنا بأن من أصبح أو أمسى ولم يهتم بشوؤن المسلمين فليس بمسلم أو ليس منهم وهنا ينزع رسول الله عن من يبعد نفسه عن أمور المسلمين ولا يهتم بها صفة الإسلام .
المسلم هو من يتابع أمور المسلمين ويهتم بمشاكلهم ومصائبهم ويعيشها ويكون فردا من الذين يبحثون عن حلولها ويمد يد العون والمساعدة لأخوته المسلمين في أي بقعة من بقاع الدنيا فالدين الإسلامي دين للمجموع ودين للكل وليس للفرد فقط ولذلك لا يستقيم عمل المسلم بالصلاة والصيام فقط أو حج وعمرة بل يتعداها إلى كل شوؤن الحياة وكما قال النبي كيف بكم إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سلط الله شراركم على خياركم فتدعون فلا يستجاب لكم .
الأساس من صفات الإنسان المسلم أن يعيش حياته كفرد من مجتمع يؤلمه ما يؤلم مجتمعه وعليه أن يساعد بما إستطاع إليه سبيلا بالإضافة للتعبد لله سبحانه وتعالى