سمير السعد
لم تكن الحرية يومًا هدية يمنحها المحتل أو امتيازًا يُمنح لمن يقبل الهيمنة، بل كانت ولا تزال حقًا ثابتًا لا يتحقق إلا بالنضال والتضحية. فحين تُغتصب الأوطان، ويُفرض الاحتلال بالقوة، يصبح الدفاع عن الأرض والكرامة واجبًا لا يقبل المساومة.
المقاومة ليست خيارًا قابلًا للأخذ والرد، بل هي تعبير عن الإرادة الشعبية في مواجهة الظلم والاستبداد، وهي الوسيلة التي أثبتت فعاليتها عبر التاريخ في كسر قيود الاحتلال واستعادة الحقوق.
حيث تقرّ القوانين الدولية والشرائع السماوية بحق الشعوب في الدفاع عن أراضيها وحريتها، وتعتبر مقاومة الاحتلال عملًا مشروعًا يهدف إلى استعادة الحقوق المغتصبة، فالمحتل الذي يفرض وجوده بالقوة، لا يفهم سوى لغة الصمود، ولا يرتدع إلا أمام الإرادة الصلبة للشعوب التي ترفض الخضوع.
ومن هنا، تأتي أهمية المقاومة باعتبارها الوسيلة الحقيقية لمواجهة سياسات التهجير والاستيطان والاستعمار.
لقد أثبت التاريخ أن الاحتلال لا يرحل بالمفاوضات العقيمة أو بالتنازلات، بل بالتمسك بالحق والنضال المستمر. فمن الجزائر إلى فيتنام، ومن جنوب إفريقيا إلى فلسطين، لم يكن الاستعمار سوى مرحلة مؤقتة في وجه الشعوب التي قررت المواجهة ولم ترضخ لضغوط الاستسلام.
في الوقت الذي يواصل فيه الاحتلال سياساته القمعية، يسعى البعض إلى ترويج فكرة التطبيع باعتبارها بوابة للسلام والاستقرار ولكن كيف يكون السلام ممكنًا مع كيان قائم على العدوان والقتل والتهجير؟ وكيف يكون التطبيع حلًا بينما المستفيد الوحيد منه هو المحتل نفسه؟.
إن التطبيع ليس سوى محاولة لمنح الشرعية لاحتلال غير شرعي، وهو خطوة تمثل استسلامًا مقنّعًا أكثر منه خيارًا استراتيجيًا، فالاحتلال لا يسعى إلى التطبيع إلا لترسيخ وجوده وضمان بقائه، بينما لا يجني الطرف الآخر سوى الخضوع والإذلال، ولا يمكن لأي شعب حر أن يقبل التعايش مع مغتصب، ولا يمكن لأي أمة أن تبني مستقبلها على أساس التنازل عن حقوقها المشروعة.
إن من يظن أن المحتل يمكن أن يقدم التنازلات طواعية، فإنه يجهل طبيعة الاستعمار الذي لا يعرف سوى لغة القوة. فلا يمكن لمن جاء بالقوة أن يرحل بالحوار وحده، ولا لمن سلب الأرض أن يعيدها بمحض إرادته. المقاومة، بكل أشكالها، هي السبيل الوحيد لانتزاع الحقوق، وهي ليست مجرد معركة عسكرية، بل حالة نضالية شاملة تمتد إلى كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية.
إن رفض التطبيع والتمسك بالمقاومة ليس مجرد موقف سياسي، بل هو التزام أخلاقي ووطني، لأن التهاون أمام المحتل اليوم يعني ضياع الحقوق للأبد، بينما الصمود والمواجهة يفتحان الطريق نحو التحرير واستعادة الكرامة.
ولا يمكن تحقيق سلام حقيقي في ظل الاحتلال، ولا يمكن الحديث عن استقرار دون إنهاء الظلم والاستعمار. إن الحقوق لا تُمنح لمن يتنازل، بل تُنتزع بمن يرفض الخضوع ويصر على مقاومة المحتل حتى النهاية.
لذلك، فإن التمسك بالمقاومة ورفض التطبيع هما الطريق الوحيد نحو الحرية، لأن الاستسلام اليوم يعني ضياع المستقبل، بينما الصمود هو الذي يصنع فجر الاستقلال والانتصار.