جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف قُتل امام السلام في ليلة السلام ..علي ابن ابي طالب (ع)(الأخيرة)..!

قُتل امام السلام في ليلة السلام ..علي ابن ابي طالب (ع)(الأخيرة)..!

حجم الخط

 


يوسف الكاتب ||


وهتف المرتضى (ع) : فزتُ

وربِّ الكعبة

الحمد لله رب العالمين .. اللهم صلِّ على محمد وآل محمد .

الجميع يكتبون عمّن يُحبون .. ولكني أكتب الآن عمّن علّمني الحب والتضحية والعطاء والإباء ، فكان وليي في الدنيا والآخرة .

يا علي يا أمير المؤمنين : الجميع يسلّمون عليكَ بأيديهم وهو حقهم .. ولكني اسلّم عليكَ بروحي لأن سلامي نابع من شعوري أني إذا كتبتُ عن شهادتك ، فإنما إستعرتُ كل ندى الزهور التي نهضت من فوق الأرض لأبكي عليكَ حزني الطويل .

يا سيدي : مهما صَغُرَ العالم في أعيننا ، فأنت تبقى كبيراً حتى من عالمنا هذا .. وهكذا يكون الشفيع .

فالله سبحانه يعطينا كثيراً من الأشياء مرة بعد مرة ، ولكنه لم يعطنا علي ابن أبي طالب (ع) إلا مرة واحدة .. فأحببناه ، وحبنا له هو الشيء الوحيد الذي لا يشيخ لأنه الحب الحقيقي والثابت في زمن كل شيء فيه يتغيّر .

يا سيدي : صرختُ ساعة جرحك (فزتُ ورب الكعبة) .. وأعلمُ أن كلام المعصوم معصوم الكلام ، فبحثتُ عن عبارة (الفوز) في القرآن الكريم فوجدتُ أن الفوز على ثلاثة معانٍ

تأتي على ثلاث مراحل :

١-  الفوز المبين  ٢- الفوز الكبير  ٣- الفوز العظيم .

١-  الفوز المبين : هو مجرد النجاة من النار ، قال تعالى : (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ)  .

٢-  الفوز الكبير : هو مجرد دخولك الجنة ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) .

٣- الفوز العظيم : هو الفوز برضوان الله سبحانه ، قال تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) .

فكان نداء أمير المؤمنين (ع) : (فزتُ ورب الكعبة) قد جمعها كلها بصيغة واحدة .. وذلك قول المعصوم المقدّس .

سيدي وماذا أكتب عن إستشهادك وقد ملأت ذِكرياتي من ذِكراك ؟ .. وكيف أنسى من يكون ذِكره ذاكرتي ؟ .. لان دفء القلب لن يأتي بلمسة اليد لليد وإنما بلمسة الروح للروح .. وأنت روح الإيمان الذي ملأ الكون الأرضي بعد أن كنتَ كلمة الله العليا في سماء الولاية .

يا سيدي يا أمير المؤمنين سلام الله عليك لأننا‏ لم نلتقِ وجها لوجه .. ولكن إلتقينا روحاً لروح !

في بحار الأنوار عن الأصبغ بن نباتة قَال : سَمعتُ أمِير المُؤمنِين (ع) يَقُول : ﴿ويلٌ لِمن جَهلَ مَعرفتِي ، ولَم يَعرف حقِي ، ألا إن حَقي هُو حقُ الله ، ألا أنّ حق الله هُو حقِي﴾ .

من مدة ليست بالبعيدة استمعت لأستاذ ينقل عن رحلته للصين واستضافته من قبل احد الشخصيات التي لها مركز اجتماعي هناك ، وخلال مرافقته في احد الشوارع الرئيسية أشار له بان ينظر الى عمارة شاهقة مكتوب عليها عبارة باللغة الصينية اتخذوها شعاراً لهم في حياتهم وهي لرجل عربي ، فسأله الأستاذ : ما هي المقولة ولمن ؟ فأجابه : هي لرجل عندكم يدعى علي بن أبي طالب ويقول فيها (لو كان الفقر رجلاً لقتلته) .

ولو فتش أحدنا في مكتبة الكونغرس الأمريكية بواشنطن واطلع على كتاب موجود على رفوفها عنوانه (los history) أي (خسارة التاريخ) للمؤلف الأمريكي المعاصر (ميشيل هاملتون مورغان) سيجد الإعجاب الفائق لهذا الكاتب بالسياسة الحكيمة لشخص الإمام علي بن أبي طالب (ع) كون المؤلف إطلع على رسائله التي حررها الى ولاته في الأمصار الإسلامية ومنهم مالك الاشتر ، مؤكداً عليهم أن يعاملوا المواطنين من غير المسلمين بروح العدل والمساواة في الحقوق والواجبات . فالكاتب الأجنبي اعتبر ذلك انعكاساً صادقاً لسلوكيات الخليفة الحميدة المؤطرة بفضائل الأخلاق التي أهّلته للدخول في تاريخ الإنسانية من أبوابه العريضة .

مما يُنقل كان أهل السُّنَّة في بغداد يدعون العلَّامة الشيخ عبد الحسين الأميني (صاحب موسوعة الغدير) لمأدبة العشاء ، ولكنَّه كان يرفض ذلك وهم يصرُّون عليه .. وأخيراً قَبِل العلامة ولكن شرط عليهم بأن يكتفي فقط بالعشاء ولا يجري أي بحث فقهي أو عقائدي ، فقبلوا بذلك  .

وبعد تناول العشاء أراد أحد علماء أهل السنَّة أن يفتح باب البحث مع سماحة الشيخ وكان يوجد في المجلس قرابة الثمانين شخصاً .

فقال العلَّامة : كان شرطي أن لا يكون هناك أي بحث .

قالوا : إذن للتَّبرُّك وتنوُّر المجلس ، وكل شخص يذكر حديثاً .

وكلَّ الحضور كانوا من “الحفّاظ”، وحافظ الحديث يعني أنه عالم متخصص في الحديث وعلومه ، وفي المصطلح أنه يحفظ ألف حديث على الأقل .

فذكر كلُّ شخصٍ منهم حديثاً ، إلى أن وصل إلى العلَّامة الأميني فقال : شرطي بقراءة الحديث هو أنَّكم جميعاً تؤكِّدون على صحَّة الحديث سنداً .

فقبلوا ذلك جميعاً .

فقال : قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية .

ثمَّ سأل الشيخ الحضور عن سند الحديث ؟

فأكَّد الجميع على صحَّة السَّند .

ثم قال : بعد ما أكَّدتُّم على السَّند الصَّحيح للحديث ، أسألكم : فاطمة الزَّهراء (عليها السلام) هل كانت تعرف إمام زمانها أم لا ؟ وإذا كانت تعرفه فمن كان ؟

سكتوا لمدَّة عشرين دقيقة ونكَّسوا رؤوسهم لأنَّهم ما كانوا يملكون جواباً ، وتركوا المجلس واحداً تلو الآخر وهم يردِّدون : إذا قلنا لم تعرف إمام زمانها يعنى أنَّها ماتت كافرة ، وحاشى أن تموت سيِّدة نساء العالمين كافرة .. وإذا قلنا أنها كانت تعرف ، فكيف نقول إنه أبو بكر ؟

في حين أنَّه جاء في البخاري أنَّها ماتت وهي ساخطةٌ على أبي بكر ، ولا يجوز لها أن تسخط على إمام زمانها وهي تتمسك بوصية أبيها (صلى الله عليه وآله) وبولايتها لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) .

ولأنَّهم كانوا لا يملكون إلَّا تأييد ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) أُجبروا على ترك المجلس لانعدام حجتهم ، وقوة دليل العلامة الأميني (رضوان الله تعالى عليه) .

وعندما عاد الى النجف الأشرف سألوا العلامة الاميني (قدس سره) : ما هي اُمْنيَتك ؟

قال : هي اُمنيةٌ واحدةٌ ! ان يَهبَنِي الله عمراً اضافياً ، واتجنب الناس مكاناً بعيداً ، واسكُن الصحراءِ وحيداً ، فابكي على مظلومية سيدي ومولاي امير المؤمنين (صلوات الله عليه) الى آخر رمق بي !

ويقول الشهید السعید محمد باقر الصدر [طاب ثراه] :

(إنّ الإمام علي (ع) حينما فتح عينيه في تلك اللحظة العصيبة ورأى الإمام‏ الحسن‏ (ع) يبكي وهو يدرك بأنّ وفاة أبيه هي وفاةٌ لكلّ الآمال ، أراد أن ينبّهه إلى أنّ الخطّ لايزال باقياً ، وأنّ التكليف لايزال مستمرّاً ، وأنّ نجاح المؤامرة لا يعني أن نلقي السلاح .

نعم ، المؤامرة نجحت يا ولدي ، ولهذا سوف تشرّدون وسوف تقتلون ،

ولكنّ هذا لا يعني أنّنا يجب أن نُلقي السلاح ، ولا يعني انتهاء المعركة ، ولهذا يجب أن تُقاوم حتّى تُقتل مسموماً ، ويجب أن يقاوم أخوك الحسين (ع) حتّى يُقتل بالسيف شهيداً .

الامّة حينما تنازلت عن إرادتها وعن شخصيّتها لجبّار من الجبابرة ، لفرعون من الفراعنة ، تكون عرضة للذوبان والتميّع في أتونه . لكن إذا بقي لدى الامّة محاولةُ استرجاعِ هذا الوجود – باستمرار هذه المحاولة التي يحاولها خطُّ عليٍّ ، ومدرسةُ عليٍّ ، والشهداءُ والصدّيقون من أبناء علي (ع) وشيعتِه – فسوف يبقى مع هذه المحاولة أملٌ في أن تسترجع الامّة وجودها ، وعلى أقلّ التقادير سوف تحقّق هذه المحاولة مكسباً آنيّاً باستمرار ، وهو تحصين الامّة ضدّ التميّع والذوبان المطلق في إرادة ذلك الحاكم وفي إطاره ، وهذا ما وقع) .

وروي ابن عبّاس ، قلت : يا رسول الله : أوصني ، فقال : (عليك بمودّة عليّ بن أبي طالب ، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً لا يَقبل الله تعالى مِن عبدٍ حسنَةً حتى يسأله عن حبّ عليّ بن أبي طالب ، فمَن مات على ولايته قُبِل عمَله ما كان منه ، وإنْ لم يأتِ بولايته لا يُقبَل مِن عملِه شيء ، ث

مّ يؤمَر به إلى النار ، يا ابن عباس ، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً إنّ النار لأشدّ غضَباً على مُبغِض عليّ منها على مَن زعَم أنّ لله ولداً ، يا ابن عبّاس لو أنّ الملائكة المقرّبين والأنبياء والمرسلين اجتمعوا على بغض عليّ بن أبي طالب مع ما يقَع من عبادتهم في السموات ، لعذّبهم الله تعالى في النار) .

قلتُ : يا رسول الله ، وهل يبغضه أحد ؟ قال : (يا ابن عبّاس ، نعم يبغضه قومٌ يُذكر مِن أنّهم مِن أُمّتي لم يجعَل الله لهم في الإسلام نصيباً ، يا ابن عبّاس ، إنّ مِن علامة بُغضهم له تفضيلهم لمَن هو دونه عليه ، والذي بعثَني بالحقّ نبيّاً ما بعَث الله نبيّاً أكرم عليه منّي ولا وصيّاً أكرَم عليه من وصيّي) .

قال ابن عبّاس فلَم أزَل له كما أمَرني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأوصاني بمودّته وأنّه لأكبر عملي عندي ، قال ابن عبّاس : ثمّ مضى مِن الزمان ما مضى وحضَرَت رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) الوفاة ، فقلتُ فِداك أبي وأُمّي يا رسول الله ، وقد دنا أجلُك فما تأمرني ؟ قال :(يا ابن عبّاس ، خالف مَن خالف عليّاً ولا تكونّن لهم ظهيراً ولا وليّاً) .

قلت : يا رسول الله ، ولِم لا تأمر الناس بترك مخالفته ؟ قال : فبكى (صلّى الله عليه وآله) ثمّ قال : يا ابن عبّاس سبَق فيهم علم ربّي ، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً لا يخرج أحدٌ ممّن خالفه من الدنيا وأنكر حقّه حتى يُغيّر الله تعالى ما به من نعمة .

يا ابن عبّاس إذا أردتَ أنْ تلقى الله تعالى وهو عنك راضٍ فاسلك طريقة عليّ بن أبي طالب ومِل معه حيث مال ، ارضِ به إماماً ، وعادِ من عاداه ووالِ من والاه ، يا ابن عبّاس حذاري من أنْ يدخلك شكٌ فيه ؛ فإنّ الشكّ في عليّ كُفرٌ بالله تعالى) .

‏ وقد تشرّف آية اللَّه العظمى السيّد نصر اللَّه المستنبط بلقاء مولانا بقيّة اللَّه (أرواحنا فداه) في حرم أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يصلّي (صلوات اللَّه عليه) ، فاستمع بما يقرأه ، فسمع أنّ الإمام المنتظر (أرواحنا فداه) يقرأ في قنوته هذا الدعاء :

(اللَّهُمَّ إِنَّ مُعاوِيَةَ بْنَ أَبي سُفْيانَ قَدْ عادى عَلِيَّ بْنَ أَبي طالِبٍ ، فَالْعَنْهُ لَعْناً وَبيلاً) .

الحمد لله رب العالمين الذي جعلنا وإياكم من المتمسكين بولاية علي ابن أبي طالب (ع) .


التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال