جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

 


سمير السعد 


لم تعد مواقع التواصل مجرد منصات للتعبير أو الترفيه، بل تحولت إلى مسرح مفتوح لترويج الانحلال والسلوكيات الشاذة، يقوده عدد متزايد من “البلوكرات” و”الفاشنستات” الذين أصبحوا رموزًا للسطحية والانفلات القيمي، بعيدًا عن أي رقابة اجتماعية أو قانونية حقيقية.

ما يُبث اليوم على هذه المنصات لا يمكن تصنيفه إلا كمحتوى هابط، يتغذى على الإثارة والرخص، ويستهدف عقول الشباب والناشئة، فيدفعهم نحو التقليد الأعمى بحثًا عن الشهرة، حتى ولو كان الثمن تدمير القيم، وتمزيق نسيج العادات والتقاليد، والدوس على الأعراف الاجتماعية والدينية التي تشكل هوية هذا الوطن.

الأخطر من ذلك أن بعض الأسر باتت تعتبر هذا الطريق وسيلة للتربح، حتى لو قادها إلى مهاوي الانحطاط الأخلاقي، في ظاهرة مقلقة تشير إلى تغيّر خطير في سلم الأولويات الاجتماعية.

شقق فارهة، سيارات فخمة، ملابس بأغلى الماركات، سفرات مستمرة وجوازات متعددة… كل هذا يثير تساؤلات مشروعة: من أين لك هذا؟ من يمول هذه الحياة الفارهة؟ وهل نحن أمام نمط جديد من غسيل الأموال؟ أم أدوات ناعمة بيد جهات خارجية هدفها تفكيك المجتمع من الداخل؟

لا يمكن استبعاد الفرضية الأخيرة، فالتاريخ مليء بالأمثلة عن حروب ناعمة تبدأ من “صورة” و”بث مباشر”، وتنتهي بتدمير ثقافات وتفكيك مجتمعات. هؤلاء المؤثرون لا يملكون مشروعًا ثقافيًا أو فكريًا، بل مشروعًا تدميريًا مغلفًا بالشهرة والمال واللايكات.

السكوت عن هذا العبث لم يعد مقبولًا. والحكومة مطالبة بتفعيل القوانين العراقية النافذة، وعلى رأسها قانون العقوبات، وقوانين الآداب العامة، والمضي قدمًا في إقرار قانون الجرائم المعلوماتية، لمحاسبة كل من يساهم في نشر الانحراف والدعوة إلى الفسوق، أو يعتاش على تسليع القيم والمتاجرة بأعراض المجتمع.

هؤلاء ليسوا مجرد صناع محتوى، بل تجار انحدار، ويجب التعامل معهم كما يُتعامل مع سُرّاق المال العام، لأن ما يسرقونه أخطر ، إنهم يسرقون عقول الأجيال ومستقبل وطن بأكمله.

ما يُعرض اليوم ليس ترفيهًا، بل خطة ممنهجة لضرب ما تبقى من مناعة المجتمع، ولن يُوقفها إلا وعي شعبي صارم، وقانون لا يرحم.


التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال