جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف التغير في الاستراتيجية الأميركية في العراق: من التمويل المباشر إلى الهيمنة الرقمية

التغير في الاستراتيجية الأميركية في العراق: من التمويل المباشر إلى الهيمنة الرقمية

حجم الخط

 


آزاد محسن 


شهد العراق في السنوات الماضية موجات متتالية من الدعم الأميركي، تمثلت في تمويل منظمات المجتمع المدني عبر السفارة الأميركية، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن هذا الدعم بلغ ما يقارب الثلاثة مليارات دولار سنوياً. 

 هذا التمويل لم يكن اعتباطياً، بل جاء في سياق مشروع واضح المعالم يستهدف ويضرب الهوية الثقافية والدينية للمجتمع العراقي، وتشويه القيم والعادات الأصيلة.

غير أن الأمور تغيرت اليوم.

 منذ تسلم الرئيس الأميركي الحالي، دونالد ترامب، منصبه، بدأت تظهر ملامح سياسة جديدة لا تعتمد على الواجهات التقليدية، مثل السفارات والمنظمات، بل تنتقل إلى أدوات أكثر حداثة ونفوذاً التكنولوجيا وشركاتها العملاقة. 

كان لافتاً حضور ممثلي شركات التكنولوجيا الكبرى خلال مراسم تنصيب ترامب، في إشارة واضحة إلى أن هذه الشركات لم تعد مجرد أدوات اقتصادية، بل أذرع ناعمة توجه السياسات العالمية.

هذه الشركات تمتلك سيطرة شبه مطلقة على العالم الافتراضي، وتغلغلت في كل بيت من خلال الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت المصدر الرئيسي للمعلومات والتأثير الفكري والسلوكي. 

وهنا، لم يعد الأميركيون بحاجة إلى تمويل العملاء أو ما يُعرف بـ(ذيول السفارة)، لأنهم استبدلوهم بمنصات رقمية تنقل الرسائل وتؤثر على العقول بكفاءة وبتكلفة شبه معدومة.

المفارقة المؤلمة أن المجتمعات، بما فيها العراقية، أصبحت تدفع الأموال لهذه المنصات مقابل خدماتها، بينما تتلقى بالمقابل رسائل وأفكاراً تحمل في طياتها القيم الغربية المنحرفة، وتروج لنمط حياة يتنافى مع التقاليد الإسلامية والعربية، بل وتسعى لتفكيك البنية الأسرية وضرب مفاهيم المقاومة والانتماء.

في ظل هذا المشهد، تبرز الحاجة الملحة إلى دور الطبقة الواعية في المجتمع، لا سيما النخب الدينية والفكرية، وعلى رأسها الحوزة العلمية. 

فالتصدي لهذا الغزو الثقافي والتكنولوجي بات واجباً شرعياً وأخلاقياً، من أجل الحفاظ على صمام أمان الأمة (الهوية الدينية والثقافية).

إن الدفاع عن القيم ليس خياراً، بل ضرورة وجودية، وعلى الجميع أن يدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في حماية المجتمع من الانحراف والتغريب.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال