جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف الشهيد السيد محمد الصدر: صرخة الحق في زمن الصمت..!

الشهيد السيد محمد الصدر: صرخة الحق في زمن الصمت..!

حجم الخط

 

وليد الطائي ||


في أزمنة الظلام التي يغيب فيها صوت العدالة، يظهر رجال استثنائيون يقفون كالمنارات في وسط العاصفة. من بين هؤلاء العظماء، يبرز اسم الشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر، الذي لم يكن مجرد فقيه أو مرجع ديني، بل كان ثورة ناطقة، وضمير أمة، وصوت المظلومين في وجه أعتى طاغية عرفه العراق الحديث.

ولد السيد محمد الصدر عام 1943 في مدينة النجف الأشرف، من أسرة علمية عريقة، وهو نجل المرجع الكبير السيد محمد صادق الصدر الأول. تتلمذ على كبار العلماء، حتى صار من أعمدة الحوزة العلمية، لكنه اختار أن يكون للعامة لا للنخبة فقط، للأرض لا للبرج العاجي، للشعب لا للسلطة.

حياة مملوءة بالمواقف لا بالمناصب

في تسعينيات القرن العشرين، وفي خضم الحصار والقمع، خرج السيد الصدر من صمت المؤسسة التقليدية، وراح يخطب علنًا في صلاة الجمعة، متحديًا أجهزة الأمن والمخابرات، وملامسًا نبض الشارع العراقي. لم يكن صوته مجرد موعظة، بل ثورة واعية.

دعا إلى مقاومة الاستبداد البعثي بالكلمة والعقيدة والصبر.

أعاد الحياة إلى صلاة الجمعة في وقت كان يُعدّ ذلك تحديًا سياسيًا.

تحدث بجرأة عن فساد النظام، وعن حقوق الشعب، وعن الحرية المفقودة.

كانت المساجد تمتلئ بعشرات الآلاف من المصلين، وكل جمعة كانت بمثابة مظاهرة صامتة، يرسل فيها الشعب رسالته من خلاله: نحن أحياء، لم نمُت، ولن نركع.

لماذا اغتيل؟

اغتيل السيد الصدر مع ولديه مصطفى ومؤمل في 19 شباط 1999، لأنه كان يمثل خطرًا حقيقيًا على النظام،

لا من خلال سلاح، بل من خلال الكلمة. لقد فهم المجرم صدام حسين، أن السيد الصدر كان يوقظ الشعب من سباته، ويكسر حاجز الخوف، ويعيد تعريف الدين بأنه ليس طقوسًا فقط، بل مقاومة وحياة وعزة.

فكر الشهيد الصدر: الدين من أجل الإنسان

السيد محمد الصدر لم يكن فقيهًا منغلقًا، بل مجددًا يسعى إلى تجديد الخطاب الإسلامي، وتبسيطه، وربطه بالواقع. في كتبه ومحاضراته، دافع عن الشباب، الفقراء، النساء، والمهمشين. آمن أن الدين يجب أن يكون في الشارع، في الحياة اليومية، لا محصورًا في الكتب.

كان يقول:

“ليس الدين لباسًا، بل هو منهج حياة. الدين هو أن تقف مع المظلوم، حتى لو خسرت الدنيا كلها.”

إرثه: المقاومة والموعظة والثورة

ترك السيد الصدر وراءه جيلاً جديدًا مؤمنًا بأنه لا كرامة بلا تضحية، ولا حرية بلا مقاومة. أثمرت دماؤه الطاهرة عن:

نهضة جماهيرية بعد سقوط النظام.

انبعاث روحي وسياسي عند الشباب العراقي.

بروز تيارات مقاومة مستلهمة من خطه (مثل التيار الصدري) ( عصائب أهل الحق) (حركة النجباء) وغيرهم

ترسيخ فكرة أن المرجعية ليست صامتة، بل قائدة.

الصدر لا يموت رغم مرور أكثر من عقدين على استشهاده، ما زال السيد محمد الصدر حيًا في الضمائر، تُتلى خطبه، وتُرفع صوره، وتُردَّد كلماته في الشوارع والساحات. لأنه لم يكن رجل دين فحسب، بل رجل شعب، أراد أن يعيد للإنسان حريته، وللدين رسالته، وللوطن كرامته،

إن الشهيد الصدر كتب بدمه درسًا لا ينسى.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال