جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف خلل التوازن السياسي في العراق: خطرٌ يهدد مستقبل الدولة

خلل التوازن السياسي في العراق: خطرٌ يهدد مستقبل الدولة

حجم الخط

 


المهندس علي جبار الفريجي 


تقرير تحليلي – خاص

تتزايد مؤشرات القلق بشأن مستقبل التوازنات السياسية في العراق، في ظل متغيرات داخلية وإقليمية متسارعة، وغياب واضح لمشروع سياسي وطني قادر على ضمان استقرار الدولة وهيبة مؤسساتها. العملية السياسية العراقية تقف اليوم على مفترق خطير، لا بفعل التحديات الاقتصادية والأمنية فقط، بل بسبب تفكك الجبهة السياسية الشيعية التقليدية، وتصاعد مشاريع سياسية مضادة تحمل أجندات هيمنة وتموضع مريب.

مشروع بديل على حساب المكوّن الأكبر

في الأشهر الأخيرة، برزت تحركات نشطة لبعض القوى السياسية السنية التي تسعى، بغطاء قانوني وانتخابي، إلى إعادة تموضعها داخل مؤسسات الدولة بمستويات تفوق السياق التقليدي، وصولاً إلى التمهيد - صراحة أو تلميحاً - للمطالبة بمنصب رئيس الوزراء، في تحوّل استراتيجي غير مسبوق منذ 2003.

هذه التحركات تتزامن مع دعم سياسي إقليمي ودولي غير مرئي، لكنه محسوس الأثر، خصوصاً مع تصاعد الحملات الإعلامية المسيسة، وتسريب مقاطع فيديو وصوتيات تتضمن خطاباً طائفياً متطرفاً وموجهاً، يحمل طعناً مباشراً في أهلية المكون الشيعي لقيادة الدولة العراقية، ويروّج لخطاب استبدالي يعيد تصوير الحقبة السابقة وكأنها كانت أكثر "استقراراً وحُكماً رشيداً".

تفكك القرار الشيعي: أزمة قيادة لا أزمة تمثيل

المأزق الأخطر لا يكمن فقط في تحرك الأطراف الأخرى، بل في الفراغ السياسي القيادي داخل البيت الشيعي، إذ فشلت القوى التقليدية في إنتاج جيل جديد من القيادات الوطنية المؤهلة، وتركت الساحة لوجوه مستهلكة سياسياً وأخلاقياً، ما أدى إلى فقدان التوازن الطبيعي داخل منظومة الحكم، وانحسار الخطاب السياسي الموحد.

رغم احتضان التيار الشيعي لملايين الناخبين ونخب شبابية فاعلة في الشارع، إلا أن القرار السياسي ظل بيد دوائر مغلقة لا تملك رؤية وطنية جامعة، ولا مشروعاً متماسكاً لمواجهة التحولات القادمة، وهو ما منح الأطراف الأخرى فرصة ذهبية للتقدم وإعادة رسم المعادلة السياسية.

اختبارات ناعمة وتخادم خفي

التسريبات الصوتية الأخيرة التي حملت خطاباً طائفياً صريحاً، لا يمكن التعامل معها كحوادث فردية. بل تبدو أقرب إلى اختبارات اجتماعية - نفسية تقيس مستوى تحمّل الشارع الشيعي وردود أفعاله السياسية. إنها أدوات كلاسيكية معروفة في أدبيات التحول السياسي الناعم، استخدمتها قوى إقليمية في محطات مشابهة، كما في لبنان خلال أزمات اتفاق الطائف، أو في ليبيا قبيل الانقسام المؤسساتي.

وهنا، يصبح الدعم الخارجي "الهادئ" مرشحاً للتحوّل إلى نفوذ مباشر إن استمر الانقسام الشيعي وتراجع الأداء السياسي الوطني.

استحقاق 2025: بين الاستعادة والانقلاب الناعم

مع اقتراب الانتخابات البرلمانية 2025، يدخل العراق مرحلة فارقة. فهي الفرصة الأخيرة أمام القوى الشيعية الوطنية لاستعادة زمام المبادرة، من خلال:

• بلورة مشروع سياسي عقلاني وعابر للطوائف.

• إطلاق قيادات جديدة تؤمن بالدولة لا بالمحاصصة.

• بناء تحالفات وطنية متماسكة تستعيد شرعية التمثيل السياسي الشيعي.

في غياب ذلك، فإن العراق مقبل على "انقلاب ناعم" في بنية الحكم، لا عبر الانقلابات العسكرية بل من خلال التآكل الداخلي للتمثيل الوطني، وتمرير أجندات إقليمية بحجج الإصلاح وإعادة التوازن.

الخلاصة:

المعركة اليوم ليست معركة مقاعد أو مناصب، بل معركة على هوية الدولة العراقية، وعلى مستقبل التوازن السياسي الذي حمى النظام الديمقراطي – رغم عثراته – طوال عقدين. وإذا لم تُواجه هذه التحولات برؤية وطنية موحدة وشجاعة، فإن ما بعد 2025 لن يشبه ما قبلها، والعراق سيفقد ركنًا أساسياً من بنيته الوطنية، تحت عنوان: "الإصلاح السياسي".

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال