جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف آراء في (صمونة ) ذكريات..!

آراء في (صمونة ) ذكريات..!

حجم الخط

 


د. حميد الطرفي ||

ابن أختي باهر الغزالي رفيقي في محنتي شفاف الروح دمث الأخلاق يسرد ذكرياته دوما بصدقٍ وألم ويخشى من نفور النِّعَم ،

قال : كنت أنا والأخ عصام من أهالي بغداد وستة آخرين لا تحضرني أسماءهم في عام 1982 في أمن بغداد وقد وضعونا نحن الثمانية بعد أسابيع من التحقيق في زنزانة .

كنا شباباً لم يتجاوز أكبرنا الثالثة والعشرين وفي أجواء شتوية باردة ، لقد ملّ الجلادون من ضربنا بالمقامع والكيبلات وليس لديهم من الوقت كي يتفننوا في تعليقنا بالسقف ب(هوكات) المراوح السقفية وأيدينا مكبلة إلى الخلف فلقد فعلوا كل ذلك في الأسابيع الماضية وأفواج القادمين الجدد لها الأولوية في ذلك،

عليه اختاروا طريقة أسهل وأيسر لتعذيبنا وهي أن منعوا عنا الأكل إلا بمقدار ما يسد الـرمق فكسبوا بذلك مكسبين : إنهاك قوانا فلم نعد نقوى على الهرب ولا حتى التفكير فيه، وتعذيبنا من داخل أنفسنا، فالجوع بالنسبة لشاب عشريني في عز الشتاء مؤلم وقاس ، علينا اتخاذ التدابير إذن،

فقررنا أن نصوم فالصوم مفيد كرياضة روحية تخفف عنا ويلات الاعتقال والتنكيل وفراق الأهل والأحبة والوحدة والشعور بالظلم والاضطهاد التي نعيشه ومفيد إذ ندّخِر طعام ثلاث وجبات ونتناولها وجبةً واحدة فلكل وجبة (صمونة) حجرية صغيرة يمزح أحدنا قائلاً:

إنها لا تكفي لتكون حشوة لأحد أسنانه المنخورة . في وجبة الغداء حيث اعتادوا ان يضعوها على جدار المرحاض الموجود داخل الزنزانة سقطت الصمونة وسط مقعد المرحاض ، دخل احدهم فوجدها، اختلفت الآراء نطهرها بالماء فهو يطهر الموتى فلماذا لا يطهّر (الصمونة)، فرد عليه الآخر وكيف ذلك ونحن لا ندري كم تسربت فيها المياة الملوثة ؟

فأجاب آخر نصب عليها الماء مدة بمقدار المدة التي استغرقتها في المقعد فيصل إلى حيث وصل الماء الملوث ، انبرى الثالث : ولِمَ يا إخوان المقعد جاف وجاف بجاف طاهر بلا خلاف توكلوا والله يسمع ويرى حالنا،

قال الرابع : نعم قد تكون طاهرة ونظيفة ونحن بأحوج ما نكون اليها ولكن النفس تأباها فهل تقبلوا ان يتجرع أخوكم ما تأباه نفسه وأنفسكم ؟

قالوا : اذن وما الحل ؟

قال إقطعوا من كل واحد منكم جزءً من صمونته لنجمع له ما يعادلها وكفى الله المؤمنين القتال ؛ أجاب الجميع نعم الرأي رأيك انتهى كلام ابن اختي ، وانتهت محنتنا ، فمتى تنتهي محنة أهل غزة ؟

ما نسمعه ونشاهده من أفعال صنيعة الغرب المتمشدق بالحقوق والحريات (إsرائيل) التي جعلت من غزة زنزانة كبيرة تنكل بمعتقليها قتلاً وإرهاباً وتجويعاً والعالم يتفرج يذكرنا بتلك الأيام ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال