د. هيثم الخزعلي ||
الدين العام الامريكي يقترب من 37 ترليون دولار وبلغت فوائد هذا الدين 881 مليار دولار.
وهي اكبر مكونات الموازنة الامريكية، وهذا يعني انخفاض قدرة الحكومة على دعم البرامج الاجتماعية مثل” الرعاية الطبية” ، و”خدمة المحاربين القدامى” وغير ذلك،
ويبدو انه لاحل لهذه المشكلة فتختار كل حكومة تأجيل المشكلة للحكومة التالية .
وكلما ارتفع الدين العام ارتفعت اسعار الفائدة.
حيث يتوقع “مكتب الخزانة في الكونكرس” ان تصل قيمة فوائد الدين العام في سنة 2025.الى 1 ترليون دولار. وهذه تمثل زيادة بنسبة 8% عن العام السابق.
وقد زادات الفوائد بنسبة 30% في عام 2022 ونسبة 32% في عام 2023.
(( من يملك الدين العام الامريكي ))
هناك 29 ترليون دولار ، اي نسبة 80% من” الدين العام الامريكي”، مملوكة للجمهور من مستثمرين محليين او اجانب.
و 7 ترليون دولار اي نسبة 20% من” الدين العام الامريكي”، هي ديون داخلية اي هي نقل اموال بين اجزاء داخلية في الحكومة الفدرالية.
بينما يركز الاقتصاديون على الدين المملوك من قبل الجمهور، فهو ما يؤثر علي اسواق المال واسعار الفائدة
و في عام 2024 ارتفع الدين العام ل28 ترليون اي ما يعادل 97% من الناتج المحلي الإجمالي وهو امر خطير
واسباب هذه الزيادة او احد العوامل الرئيسية هي زيادة الحيازات المحلية من الديون حيث تضاعفت الحيازات المحلية ٣ مرات في العقد الاخير، فقد زادت من 7 ترليون في 2014 الى 20 ترليون في عام 2020.
ويلعب “بنك الاحتياط الفدرالي” البنك المركزي الامريكي دورا كبيرا حيث من وقت جائحة كورونا ضاعفت الصين من حيازاتها من سندات الخزانة الامريكية، وضخت سيولة كبيرة ساعدت في استقرار الاقتصاد الامريكي.
لكن منذ منتصف 2022 بدأ بنك الاحتياط بخفض ميزانيته العمومية المخصصة لمحاربة التصخم مما ساعد في تغذيته.
وممن يملك الدين من المستثمرين المحلين “صناديق الاستثمار المسترك” و صندوق التقاعد” و” البنوك التجارية” و” شركات التامين” و” الحكومات المحلية” والافراد والشركات.
اما خارج الولايات المتحدة، واعتبارا منذ نهاية عام 2024 فان المستثمرين الاجانب يملكون 8,5 ترليون وهو ما يعادل 30% من الدين الذي يملكه الجمهور.
وهذا بعني ان الحيازات الاجنبية انخفضت بمقدار 50% منذ 2011 بسبب عمليات الشراء الكبيرة التي قام بها “بنك الاحتياط الامركي” لسندت الخزانة الامريكية في فترة جائحة كورونا.
ومع ان الطلب على الدين الامريكي مرتفعا الا انه شهد تراجعا كبيرا في الفترة الاخيرة، بسبب ضعف الثقة بالولايات المتحدة الأمريكية نتيجة انعدام المسؤولية المالية والتغيرات الجيوسياسية في القوة.
كما تملك كل من الصين واليابان 1,8 ترليون دولار اي ما يعادل 6,5% من الدين العام الامريكي.
ومن الملاحط ان حيازات الصين من الدين العام الامريكي انخفضت في العقد الاخير بينما بقيت حيازات اليابان مستقرة.
في حين عززت بريطانيا ودول اخرى من استثماراتها في الدين العام الأمريكي.
والاستثمار في الدين العام الامريكي يتضمن مكاسب ومخاطر، ولكنه يسهم في دعم النمو الاقتصادي للولايات المتحدة خصوصا قي اوقات الازمات.
الا انه يعني زيادة دفع الفوائد للمستثمرين مما يعني زيادة تدفق الاموال خارج الولايات المتحدة وقلة الدخل الموجود داخلها.
كما انه بعني صعوبة سيطرة الولايات المتحدة على دينها العام مستقبلا، وضعف استقرارها المالي.
واذا عدنا للدين داخل الحكومة فان هناك 7,7 تريليون مستحقة داخل الكيانات الحكومية حيث يحتوي صندوق الضمان الاجتماعي 2,5 ترليون، وصنادبق تقاعد الموظفين الفدراليين، وصندوق التامين على المستشفيات الطبية، وصندرق التامين على الطرق السريعة.
ان هذه الاموال ليست ديون حقيقية، فهي ليست مستحقة للجمهور وليس لها تاثير على الاقتصاد الحقيقي .
ولكنها تعكس التزامات حكومية مستقبلية، وتعكس الحاجة الى تمويل مستدام لهذه البرامج.
ان استمرار المستويات المرتفعة من الدين العام الامريكي يتضمن عدة مخاطر
فهو قد يؤدي لازاحة الاستثمار الخاص مما يعني عدم قدرة الشركات على تحقيق النمو.
كما يؤدي لارتفاع اسعار الفائدة ما يعني زبادة التكاليف بالنسبة للمستهلكين. والحكومة.
كما ان الدين المرتفع يترك مجالا ضيقا لمعالجة الازمات الاقتصادية او البيئية او الجيوسياسية.
والدين العام المرتفع يزيد الاعباء على الاجيال القادمة وهو ما قد يثير ازمة مالية اذا ما فقد المقرضون الثقة بقدرة الحكومة الامريكية على السداد.
وربما تحدث ازمة مالية اذا بدا المقرضون بالتشكيك في قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على ادارة مسؤوليتها المالية وهو ما بدأ بالفعل.
حيث خفصت وكالة “موديز” تصنيف الائتمان الأميركي من “Aaa” إلى “Aa1” يوم الجمعة، لتنضم إلى وكالتي “فيتش” و”ستاندرد آند بورز” في خفض تصنيف أكبر اقتصاد في العالم من أعلى تقييم والبالغ “AAA”.
ويأتي هذا التخفيض بدرجة واحدة بعد أكثر من عامٍ من تعديل “موديز” نظرتها المستقبلية للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى سلبية.مما يعني ان السؤال سيكون متى تحدث الازمة المالية؟ وليس هل ستحدث؟ .
ولحين ان يتفق المشرعون الامريكيون على مسار اقتصادي مستدام ، سيستمر الدين العام والفائدة عليه بالارتفاع وهو ما يهدد تمويل المشاريع الحيوية.
ويهدد ثقة المستثمرين المحليين والخارجيين.
وينذر بحدوث ازمة مالية في الاقتصاد الامريكي.
” وٌلَيَسِ بًعٌيَدٍاً کْلَ مًآهّوٌ آتٌ ”