جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف ماذا يخبئ الكيان بعد الاتفاق مع طهران؟!

ماذا يخبئ الكيان بعد الاتفاق مع طهران؟!

حجم الخط

 


د. محمد حسن الرقيمي ||

تعيش المنطقة لحظة فارقة بعد الهدنة بين إيران وإسرائيل في ظل صمت دولي مطبق وأسئلة تتصاعد حول نوايا القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وإسرائيل فوقف إطلاق النار لا يعني نهاية الصراع بل قد يكون تمهيدًا لمرحلة أكثر تعقيدًا وخطورة حيث تتقاطع المصالح وتتشابك الأجندات في مشهد يعج بالغموض والاحتمالات.

أمريكا التي لعبت دور المراقب المتدخل تسعى كما يبدو إلى إعادة تشكيل التوازنات دون أن تخوض مباشرة في المعارك فهي تحتفظ لنفسها بورقة الضغط السياسي والاقتصادي بينما تتيح لإسرائيل التحرك الميداني وفق خارطة استراتيجية مدروسة بعناية تستند إلى تحقيق الردع وإضعاف الخصوم وخلق واقع جديد قد يكون مختلفًا تمامًا عمّا كان قبل الحرب.

أما إسرائيل فإن صمتها بعد التهدئة لا يحمل في طياته نية الانسحاب أو الاكتفاء بما حققته فالمجزرة اليومية التي ترتكبها في غزة لم تتوقف منذ شهور بل تواصل القصف والقتل والدمار بشكل ممنهج يستهدف الإنسان والبنية والهوية فهي تستخدم الهدوء مع إيران لتعزيز قبضة النار على القطاع وتفرض واقعًا من الحصار والتجويع والإبادة الجماعية دون أن تواجه ردًا رادعًا من المجتمع الدولي.

الخطير هنا أن إسرائيل قد تستغل الهدنة لإعادة التمركز على أكثر من جبهة حيث تعمل على تعزيز وجودها في الجولان السوري المحتل وتكثيف هجماتها الجوية في العمق السوري واللبناني

وتخطط لضرب وايقاف اليمن من دعم واسناد لغزة بنشر جواسيس ومخابرات اسرائيلية وامريكية في اليمن مستغلة انشغال إيران بإعادة ترتيب جبهتها الداخلية والنووية كما تسعى لخلق اختراقات استخباراتية في العمق الإيراني تمهيدًا لجولات صراع غير معلنة تعتمد على التكنولوجيا والعمليات النوعية أكثر من المواجهات المباشرة.

السيناريو الأخطر هو ما يبدو أنه تناغم خفي بين واشنطن وتل أبيب على دفع المنطقة نحو نموذج جديد من الصراع البارد تضعف فيه القوى الإقليمية الواحدة تلو الأخرى سواء سياسيًا أو اقتصاديًا أو عسكريًا مع الإبقاء على بؤر اشتعال دائمة مثل غزة لتشكل مبررًا مستمرًا للتدخل والاحتلال والسيطرة.

غزة اليوم ليست مجرد ساحة حرب بل تمثل مرآة تعكس ما تخطط له القوى الكبرى للمنطقة بأسرها فإدامة القتل فيها دون توقف تعني أن المشروع الصهيوني لم يتوقف وأن الدعم الأميركي له يتجاوز مرحلة التمويل إلى مرحلة التواطؤ الاستراتيجي حيث يُترك الفلسطينيون يواجهون آلة حرب لا ترحم بينما تكتفي العواصم الكبرى بالبيانات الباهتة والتحركات الدبلوماسية الشكلية.

إذا كانت الحرب الإيرانية الإسرائيلية قد دخلت مرحلة السكون فإن ما يجري في غزة هو البركان الحقيقي الذي قد ينفجر ليشعل المدى بكامله لأن العدوان لم يتوقف والاستفزاز مستمر والعالم يتجاهل عمدًا ما يجري.

إن فهم الأجندة الخفية للولايات المتحدة وإسرائيل يتطلب النظر إلى ما وراء التصريحات وما تحت الطاولة السياسية حيث تُبنى الخرائط وتقسم النفوذ وتُعد الخطط الطويلة لتفكيك ما تبقى من قوى مقاومة أو أنظمة مستقلة في المنطقة.

نحن أمام معركة لم تنته بعد بل غيّرت شكلها ووسائلها لتُصبح أكثر خفاءً وأشد تأثيرًا حيث يضرب العدو متى شاء وأينما شاء بينما يتم الحديث عن السلام والاستقرار وكأنهما قاب قوسين دون أن يُسأل أحد عن الثمن الحقيقي الذي تدفعه غزة ومن خلفها شعوب المنطقة.

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال