وليد الطائي ||
في مشهدٍ غير مسبوق، اهتزّت أركان الكيان الصهيوني أمام ضربات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي أثبتت للعالم أن الردع الحقيقي لا يُصاغ بالكلمات ولا يُستورد من الخارج، بل يُصنع بالإيمان والثبات والإرادة الثورية التي لا تلين. هذا الانتصار الإيراني العظيم لم يكن مجرد ردٍّ عسكري أو مناورة تكتيكية، بل كان إعلاناً صريحاً بأن زمن الهيمنة الصهيونية قد ولى، وأن المعادلات القديمة في المنطقة قد انكسرت تحت أقدام المقاومين.
ردٌّ بحجم الأمة
ما قامت به الجمهورية الإسلامية الإيرانية مؤخراً لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل كان رسالة تاريخية مشفّرة بالدم والنار، تُفهم فقط بلغة السيادة والعزة والكرامة. لقد استطاعت إيران أن تردّ على الاعتداءات الصهيونية المكرّرة، لا من باب الانتقام الآني، بل من منطلق استراتيجية طويلة النفس، تُعيد تموضع الأمة الإسلامية في صدارة المشهد الإقليمي والدولي.
لقد كانت تلك الضربة الإيرانية المزلزلة إعلاناً بأن أرض القدس لا تُنسى، وأن المجازر في غزة ولبنان وسوريا والعراق لا تسقط بالتقادم، وأن اليد التي تمتد على محور المقاومة ستُقطع، مهما طال الزمن أو تغيرت الظروف.
رعب في قلب الكيان
لم تعرف تل أبيب الهلع كما عرفته بعد الرد الإيراني، الذي تجاوز كل الحسابات الأمنية والعسكرية. صافرات الإنذار التي لم تتوقف، والملاجئ التي ازدحمت، والأسهم التي انهارت، تكشف كم هو هشّ هذا الكيان المصطنع، وكم أنه بني على رمال متحركة لا تصمد أمام العاصفة الإيرانية.
مراكز الدراسات الغربية والإسرائيلية نفسها أقرّت أن إيران اليوم أصبحت رقماً صعباً لا يمكن تجاهله، بل قوة إقليمية كبرى تُرعب إسرائيل وتجعلها تعيد حساباتها ألف مرة قبل أي مغامرة جديدة.
رسالة إلى الحلفاء والأعداء
هذا الانتصار لم يكن لإيران وحدها، بل لكل محور المقاومة، ولكل من رفع راية الحق في وجه الباطل، ولكل الشعوب المستضعفة التي تؤمن بأن الكرامة لا تُمنح بل تُنتزع. لقد أعادت إيران توجيه البوصلة نحو فلسطين، وقدّمت درساً للعرب والمسلمين بأن الدفاع عن الأرض والعقيدة لا يتحقق بالتطبيع، بل بالمواجهة، مهما كانت التضحيات.
أما أصدقاء إيران من الحلفاء الصادقين، فقد رأوا كيف أن الجمهورية الإسلامية لا تترك جراحهم دون ردّ، ولا تنسى دماء شهدائهم دون ثأر، بل تُثبت بالعمل أنها ظهرٌ لا يُكسر، ووفاءٌ لا يُخان.
ما بعد الانتصار ليس كما قبله
المنطقة بعد هذا الانتصار لن تعود كما كانت. فإيران اليوم لم تنتصر فقط على إسرائيل، بل انتصرت على مشروع التطبيع، وعلى الضعف العربي، وعلى هيمنة الاستكبار العالمي. لقد صنعت إيران لحظة فاصلة في التاريخ، لحظة تُعيد للأمة الإسلامية ثقتها بذاتها، وتضع قادة محور المقاومة في موضع الفخر والريادة.
وفي المقابل، فإن الكيان الصهيوني دخل مرحلة الانكفاء والخوف والتصدّع الداخلي، حيث بات يعيش أزمة ثقة في قياداته، وانقسامات سياسية وأمنية لا سابق لها.
كلمة أخيرة: من طهران إلى القدس
إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تكن يوماً تبحث عن المجد الزائف أو استعراض القوة، بل كانت وما تزال تحمل همّ الأمة، وتتحمل ثقل الصراع نيابةً عن كل من خان أو صمت. وانتصارها هذا هو وعدٌ صادق بأن القدس لن تبقى تحت الاحتلال، وأن محور المقاومة ماضٍ في طريق التحرير حتى آخر نفس.
لقد أثبتت إيران أن الرد على الظلم ليس خياراً، بل واجباً. وأن المقاومة ليست شعاراً، بل طريقاً إلى النصر، مهما طال الزمن.
فالتحية لإيران، ولشهدائها، ولمرابطيها، ولسلاحها الذي لا يلين، ولقادتها الذين لا يعرفون التراجع.
وإن غداً لناظره قريب.