جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف المرجعية الدينية… حصن العراق عند الملمات

المرجعية الدينية… حصن العراق عند الملمات

حجم الخط

 


سلمى المسعودي


لطالما كانت المرجعية الدينية في العراق الملاذ الآمن والحصن الحصين كلما اشتدت الأزمات وادلهمّت الخطوب، وكانت ولا تزال البوصلة التي تعيد للأمة توازنها وللوطن ثباته. وقد أثبت التاريخ الحديث هذه الحقيقة مراراً، لاسيما ما بعد عام 2003، حين اضطلعت المرجعية العليا بدور محوري في إعادة تنظيم الحياة السياسية والاجتماعية والأمنية، وأسهمت في حماية البلاد من الانهيار الكامل.

وقد أشار سماحة الشيخ الأمين قيس الخزعلي في كلماته إلى هذا الدور الوطني الكبير، مؤكداً أن المرجعية العليا، المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني، لم تكن يوماً صمام أمان للمذهب وحده، بل كانت صمام أمان للعراق كله بمختلف مكوناته، وأنها ما تدخلت إلا في اللحظات الحرجة والمصيرية.

وتجلّى هذا الدور التاريخي في دعوة المرجعية إلى الاستفتاء على الدستور لتثبيت أسس الدولة الجديدة، وكذلك في فتوى الجهاد الكفائي التي أوقفت تمدد تنظيم داعش الإرهابي وغيرت مسار الأحداث. فقد كانت الفتوى نداءً مصيرياً استجاب له الآلاف من أبناء العراق، فهبّوا متطوعين بقلوب مخلصة وعزائم صلبة، وسطروا أروع البطولات، وأعادوا للوطن هيبته وكرامته.

ويؤكد سماحة الشيخ الخزعلي أن المرجعية لم تكن يوماً طرفاً سياسياً يسعى إلى النفوذ، بل هي قيادة روحية وأخلاقية تتدخل حين يبلغ الخطر مداه، وتمثل الامتداد الطبيعي لخط المعصومين في زمن الغيبة. ومن يسمع فتواها يبرئ ذمته أمام الله، أما من يتنصل منها أو يخالفها فيعرض نفسه لمخالفة الحق الواضح.

ورغم المحاولات المشبوهة التي أعقبت الانتصار على داعش للتشكيك بمقام المرجعية والدعوة إلى الابتعاد عن العلماء، فإن وعي العراقيين وتمسكهم بقيادتهم كان السدّ المنيع الذي تحطمت عليه كل المؤامرات.

واليوم، وفي وقت تتعدد فيه العناوين وتكثر فيه الشعارات، تبقى المرجعية الدينية هي النور الذي تهتدي به الأمة، والسور الذي تتحطم عليه مكائد الداخل والخارج. فهي لم تكن يوماً عبئاً على الدولة أو المجتمع، بل كانت ولا تزال رافعة للمشروع الوطني والديني، ومصدراً للإلهام والصبر والثبات وتحقيق النصر.

إن التمسك بالمرجعية هو تمسك بالثوابت، والابتعاد عنها ضياع للبوصلة. فبها يُعرف الحق، وعندها يُفصل النزاع، وبها – بعد الله – يُحفظ الدين والوطن.

السلام على مرجعيتنا العليا، وسلام على كل من لبّى نداءها فصان العراق وكتب للتاريخ صفحة عزٍّ لن تُمحى.

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال