جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف الرجل العجوز جداً: تفعيل أوروبا لآلية الزناد، قصة موت دبلوماسيتها المعلن

الرجل العجوز جداً: تفعيل أوروبا لآلية الزناد، قصة موت دبلوماسيتها المعلن

حجم الخط

 



ملاك الموسوي

في نهاية أغسطس 2025، أعلنت الترويكا الأوروبية (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) تفعيل آلية الزناد ضد إيران، في خطوة بدت لبعض المراقبين الغربيين ومن يدور في فلكهم وكأنها استعادة لهيبة الاتفاق النووي، لكنها في جوهرها كانت إعلاناً صريحاً عن موت الدبلوماسية الأوروبية بصيغتها القديمة. لم يكن هذا التفعيل تعبيراً عن قوة، بل عن عجزٍ مُقنّع، وعن رغبة يائسة في إثبات الوجود وسط عالم لم يعد ينتظر أوروبا كي تقول كلمتها. 

لسنوات، حاولت الترويكا أن تمثل دور (الحارس العقلاني) للاتفاق النووي، متظاهرة بالحياد، وبالقدرة على التوازن بين واشنطن وطهران. لكنها في الحرب الأخيرة، وفي لحظة الحقيقة، كشفت عن خوائها الاستراتيجي: لم تكن حارساً، بل متفرجاً مرتبكاً، يكتب بيانات قلق بينما تُقصف المدن وتُسحق الشعوب. 

آلية الزناد، التي يفترض أن تكون أداة قانونية لضبط السلوك النووي، تحولت إلى أداة رمزية لانطفاء أوروبا الدبلوماسي، أوروبا لم تعد تملك لا القوة ولا الإرادة، بل أصبحت مثل الرجل العجوز جداً، الذي لا يملك إلا أن يُطفئ الأضواء في البيت كلما حاول أحد إشعال شمعة. 

ما حدث ليس مجرد خلاف دبلوماسي، بل انكشاف رمزي عميق. أوروبا، التي كانت تتغنى بالاتفاق النووي كإنجاز حضاري، أثبتت أنها لا تملك لا استقلال القرار، ولا القدرة على حماية تعهداتها. 

إن تفعيل آلية الزناد لم يكن قراراً سيادياً، بل صدى لقرارات أمريكية وإسرائيلية، تُمرر عبر قنوات أوروبية فقدت شرعيتها الأخلاقية. 

هذا الانكشاف يعيد طرح سؤال جوهري: هل كانت أوروبا يوماً قوة مستقلة، أم أنها (صاحبة الإرث الاستعماري) كانت دائماً "الرجل العجوز" الذي يثقل على كل من يحاول التقدم، ويخشى الضوء لأنه يكشف هشاشته. 

العالم الذي خبر خيانات الدبلوماسية الغربية، أصبح أضعف من أن يصطف مع أحد، وإيران التي اكتوت من هذه الخيانات، يبدو أنها ستضطر الى الوقوف وحدها، مرة أخرى، في مواجهة "الرجل العجوز" لا كخصم، بل كظلٍ يجب تجاوزه. 


تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال