سلمى المسعودي
في سلسلة محاضراته العقدية، يقدم الشيخ قيس الخزعلي قراءة فلسفية وتاريخية لصراع الحق والباطل، متخذا من قصة خلق آدم مدخلا لتأصيل هذا الصراع الذي ابتدأ بإبليس، ولم يتوقف منذ أن أُهدر أول دم بشري على الأرض.
منذ حادثة قابيل وهابيل، حيث استجاب الأول لوسوسة إبليس وقتل أخاه، بدأ نمط متكرر من المواجهات بين مشروع إلهي يمثله نبي أو إمام أو ولي، ومشروع شيطاني يقوده أعداء الرسالات، هكذا يعرض الشيخ الأمين تلك الجولات التاريخية، من نوح وهود وصالح، مرورا بإبراهيم ولوط وموسى وعيسى"عليهم السلام"، وصولا إلى الجولة الفاصلة مع النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وآله.
بحسب الشيخ، إبليس ليس مجازا بل كيان حقيقي، يتجسد متى شاء، وقد حضر لحظات مفصلية في التاريخ الإسلامي، منها يوم ولادة النبي ويوم نزول الوحي، بل كان حاضرا حتى في دار الندوة التي خططت لاغتيال الرسول.
ورغم انتشار الإسلام، إلا أن الشيخ الأمين يرى أن إبليس حصد مكاسب لاحقة، تمثلت باغتيال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وسائر الأئمة عليهم السلام، ما أعاد الصراع إلى الواجهة في جولات جديدة، لم تتوقف حتى يومنا هذا.
ويشدّد سماحته على أننا نعيش اليوم الفصل الأخير من هذه الملحمة، جولة طويلة بدأت منذ غيبة الإمام المهدي، "عليه السلام"، وستنتهي بظهوره، حيث يحسم الصراع نهائيا بانتصار مشروع السماء، وزوال مشروع إبليس.
لكن هذا الطرح، كما يقول الشيخ الامين ، ليس سردا تاريخيا، بل نداء وعي وتحفيز للموقف، ما نراه اليوم من فتن وحروب وتضليل وتشويه، ليس أحداثا معزولة، بل امتداد لذلك الصراع الأزلي.
ولا حياد في هذه المعركة، بحسب رؤية الشيخ، فكل إنسان، بإرادته أو بتقاعسه، يحدد انتماءه، إمّا إلى مشروع الإصلاح الإلهي، أو إلى مشروع الفساد الإبليسي، ولو دون وعي منه.
إنها دعوة لتحمّل المسؤولية، وفهم الموقع، وتجاوز التردد، لأن الصمت أحيانا ، قد يعني الوقوف في الجهة الخاطئة من التاريخ..