السيد محمد الطالقاني ||
عندما وضعت السيدة فاطمة الزهراء عليها السّلام وليدتها المباركة التي لم تولد مثلها امرأة في الإسلام إيماناً وشرفاً وطهارةً وعفةً وجهاداً, كان أوّل صوت قرع سمع تلك الوليدة هو: الله أكبر، لا إله إلاّ الله وهذه الكلمات هي جوهر القيم العظيمة والمبادئ الإسلامية .
ثم نشأت السيدة زينب عليها السّلام في بيت النبوة ومهبط الوحي والتنزيل، وغذّتها اُمها سيّدة نساء العالمين بالعفّة والكرامة ومحاسن الأخلاق والآداب، وحفظتها القرآن، وعلّمتها أحكام الإسلام، وأفرغت عليها أشعة من مثلها وقيمها حتى صارت صورة صادقة عنها.
وقد أظهرت واقعة كربلاء جوهر وشخصية السيدة زينب عليها السلام وكشفت عن عظيم كفاءاتها وملكاتها القيادية, واعتبرت الشخصية الثانية في معركة كربلاء, حيث قادت مسيرة الثورة الحسينية بعد استشهاد أخيها الحسين عليه السلام وأكملت ذلك الدور العظيم بكل جدارة.
لقد رسمت لن هذه المرأة العظيمة خارطة الطريق في كيفية مواجهة الاستكبار والطغاة عندما وقفت وهي مكبلة الايدي امام طاغية عصرها يزيد فصرخت في وجهه ” كد كيدك واسع سعيك فو الله لاتمحوا ذكرنا “ لترسم للأجيال درسا في عدم الركون للظالمين حتى في اقسى الظروف .
وهزت بكلماتها هذه عرش الطاغية يزيد وهو في قصره وبين جلاوزته, وفضحته امام الراي العام , وقد انهزم أمامها أشر هزيمة وهو لا يقدر أن يرد على كلماتها الحقة رغم الآلام والمعاناة التي رافقتها.
لقد واجهت الحاكم الظالم بالتحدي وجها لوجه أمام أعوانه وشرطته وحمايته فكان لسانها ينطق بالحق الذي يدوّي بمظلومية أهل البيت عليهم السلام وكشفت ظلم بن امية وكل أصحاب الجور, وأرعبت الأمة بالمستقبل الأسود الذي ينتظرها ، فكان هذا الرعد الزينبي يدوي في أرجاء قصر الطاغية الاموي حتى اضطر إلى إنهاء الموقف وإخراج السبايا فوراً.
اننا اليوم نجد إنّ ما تعيشه المرأة تحت شعار التحرر والمساواة مع الرجل، وغيرها من صيحات العصر الحديث، ما هو إلا وهم كبير صنعته لها أيادي تسللت خفية في ظلّ غياب الوعي الديني والغزو الثقافي من خلال الحرب الناعمة .
يجب على المراة اليوم ان تسير على منهج وخطى السيدة زينب عليها السلام والاقتداء بها، والتحصن بحصنها وعفتها وقوة إيمانها.
وقد رَسَمت العقيلة زَينَب عليها السلام خَطًا واضِحًا لِمَن أَرادَتِ الاقتداءَ بِها مِنَ النِساء, ولِمَن تُريدُ أنْ تَكُونَ امرأةً ناجِحَةً وَتُريدُ الفوز بسعادة الدارين، وتُريدُ أنْ تَكُونَ في المَحل الذي اختارهُ الله لَها.
لتبقى العقيلة زينب عليها السلام رمزاً للتضحية والصبر ، والمرأة الإسلامية المثالية على مر الزمان.
