فتحي الذاري ||
تعد قضية الشهيد الأسير المجاهد عيسى العفيري نموذجًا صارخًا على معاناة الأسرى في ظل العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، فضلاً عن كونها شهادة حية على بطولات وصمود المُضحّين في وجه الظلم والعدوان، وانعكاسًا للوحشية التي تتعامل بها قوات الاحتلال والمرتزقة مع أسرى الحرب، خاصة من ذوي المواقف الثابتة والمبدئية.
منذ بداية العدوان على اليمن في مارس 2015، شهد اليمن سلسلة من التصعيد العسكري والميداني، تصاعد معه مستوى العنف والانتهاكات الحقوقية، خاصة ضد الأسرى والمعتقلين. مع تدهور الوضع الإنساني، تصاعدت جرائم التصفية والملاحقة، وبرزت حالات عديدة من الإعدامات غير القانونية، والاعتقالات التعسفية، والانتهاكات لأبسط حقوق الإنسان، في مناظر تكررت بشكل وجيز لأنماط من القمع والانتقام.
يبرز الشهيد عيسى العفيري كبطل من نوع خاص، حيث تجاوزت مأساته مجرد كونه أسيرًا إلى رمز للمقاومة والصمود. انخرط منذ بداية العدوان في المقاومة، مشاركًا في جبهات القتال، مُظهرًا إصرارًا على الدفاع عن الوطن والكرامة. لم يكتفِ بالتعبير عن موقفه، بل جسده بمواقفه الثابتة، والتي تنم عن إيمان راسخ بقضية وطنه، ورفض التضحية بمبادئه تحت أي ضغط أو تهديد.
عندما تعرض للأسر من قبل قوات العدوان، أظهر موقفًا لا يلين، معلنًا أنه أسير حرب لا يُمكن أن يساوم حبًا وتقديرًا، رأسها الحرص على بر الوالدين، معبرًا عن علاقة إنسانية متجذرة في العروبة والإيثار. وعلى الرغم من الألم والحصار، استطاعت أسرته أن تعبر عن وطنيتها وشجاعتها، عبر مواقف بطولية كإحراق الطقم الذي دهس والدتهم، وهو تصرف يؤكد عمق الوفاء والتحدي.
تحت وطأة الفشل في كسر إرادةالشهيد الأسير، قام العدوان بارتكاب جريمة نكراء؛ دهس والدته أمام عين أخواته، في محاولة يائسة لتركيعه أو الانتقام من عائلته. تُظهر هذه الجريمة طبيعة القتل الانتقامي الذي تنتهجه قوات الاحتلال، والذي ينسجم مع سجل وحشي من الانتهاكات والجرائم ضد الشعب اليمني وأبنائه.
سعى العدوان، عبر أدواته، إلى التغطية على جريمته الكبرى، من خلال محاولة إقحام سجناء جنائيين في عمليات تبادل، لتشويه صورة المقاومة وإظهار أن قضيةالشهيد عيسى العفيري ليست قضية عامة، وإنما مجرد شأن فردي، وهو ما يكشف عن استراتيجيته الممنهجة في محاولة تبييض جرائمه وتضليل الرأي العام.
إعدامه من قبل قوات العدوان، رغم اطلاع المبعوث الأممي على قضيته، يُعد جريمة عدوانية صارخة، تعبر عن استهتار مُطلق بحقوق الأسرى وأحكام العدالة. يُعدالشهيد العفيري رمزًا للمقاومة اليمنية، ويُذكرنا بضرورة مواصلة التصدي للعدوان وكشف جرائمه التي تتجلى في انتهاكات حقوق الإنسان، والتمسك بالمبادئ الوطنية والإنسانية، وإحياء ذكرى تضحيات الشهداء والأسرى كموقف لا يلين في وجه كل من يتلاعب بمقدرات اليمن وأبنائ
قضية الشهيد عيسى العفيري، ليست مجرد حادثة فردية، بل تحمل في طياتها عبرة عن شجاعة وكرامة الشعب اليمني وصموده، وتؤكد الحاجة المستمرة لمحاسبة وفضح قوى العدوان وعملائها …
