صفاء السويعدي
يعود الوجود شيعة أهل البيت ( عليهم السلام ) في مدينة سامراء الى حيث حل في أرضها الأمام علي الهادي ( عليه السلام ) مصطحباً أبنه الأمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) .
حينها قام الشيعة من سائر البلدان بالتواصل مع الأمام في هذه المدينة يأخذون معالم دينهم وكان بعض أصحابهم يركبون الأخطار والوسائل التنكرية من أجل لقيا الأمام ورؤياه .
وبعد شهادتهما ( عليهما السلام ) وقيام الأمام الثاني عشر ( عجل الله فرجه الشريف ) لم ينقطع الوجود الشيعي عن هذه المدينة ، حيث أستمرت زيارة مرقديهما ( عليهما السلام ) وبعض الأثار هناك كسرداب الدار الذي كان يسكن فيه الأئمة الثلاثة ووجود مقابر لبعض ذرية أهل البيت ( عليهم السلام ) كالسيدة نرجس والدة الأمام المهدي ( عج ) والسيدة حكيمة بنت الأمام محمد الجواد سنة ( 274 هـ ) والكثير من هذا النسب الطاهر مثل السيدة سوسن والسيدة حديثة والدة الأمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) والحسين بن الأمام الهادي ( عليه السلام ) وداود بن القاسم أبو هاشم الجعفري وأبنه جعفر ، كل هؤلاء دُفنوا في هذه الدار ، لتصبح نواة للعتبة المقدسة وقد ثوى فيه أيضا الكثير من العلماء والسادات ١👇 .
وبعض أهل سامراء يدعي السيادة ويفتخر أنه من نسل الإماميين العسكريين وكان هؤلاء يعيشون على زوار العتبات المقدسة من الإيرانيين والهنود والأفغان فلما ضعفت حركة الزائرين أنصرفوا الى الزراعة .
هكذا نشأت مدينة سامراء الجميلة بفضل وجود شيعة أهل البيت ( عليهم السلام ) فيها بعدما هجرها الخليفة المعتضد العباسي عائدا الى بغداد .
قال ياقوت مشيرا لسبب إفول سامراء وخرابها : ” ولم تزل كل يوم سر من رأى في صلاح وزيادة وعمارة منذ أيام المعتصم والواثق إلى آخر أيام المنتصر أبن المتوكل فلما ولى المستعين وقويت شوكة الأتراك وأستبدوا بالملك والتولية والعزل وأنفسدت دولة بنى العباس لم تزل سر من رأى في تناقص للاختلاف الواقع في الدولة بسبب العصبية التي كانت بين أمراء الأتراك إلى أن كان آخر من أنتقل إلى بغداد من الخلفاء وأقام بها وترك سر من رأى بالكلية المعتضد بالله أمير المؤمنين كما ذكرناه في التاج وخربت حتى لم يبق منها إلا موضع المشهد الذي تزعم الشيعة أن به سرداب القائم المهدى ومحلة أخرى بعيدة منها يقال لها كرخ سامراء وسائر ذلك خراب يباب يستوحش الناظر إليها بعد أن لم يكن في الأرض كلها أحسن منها ولا أجمل ولا أعظم ولا آنس ولا أوسع ملكا منها ، فسبحان من لا يزول ولا يحول ٢ ” .
أذن وجود سامراء مأهولة بالسكان والزوار وسطوع نجمها مجدداً بفضل شيعة أهل البيت ( عليهم السلام ) على مر العصور وخصوصاً في العصر الراهن حيث يحمي سامراء وزوار العسكريين (عليهما السلام ) رجال الشيعة الشجعان .
