جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف الحشد الشعبي والمتغيرات السياسية

الحشد الشعبي والمتغيرات السياسية

حجم الخط

 


محمود الربيعي ||

عند الحديث عن الحشد الشعبي بشكل دقيق ينبغي التمييز بين معنيين لهذا الاسم الكبير الذي لايمكن حصره بتنظيم رسمي او جهة حكومية او اطراف حزبية او فئوية او طائفية بل ان هذه التسمية يمكن التعامل معها بمنظور ديني وسياسي وشعبي واقليمي ودولي ومن هنا سنحاول ان نسلط الضوء على معنيين محددين للحشد يمكن من خلالهما استيعاب باقي التفاصيل التي تدور في فلك هذا الاسم وهما
1- الحشد الشعبي بعنوانه الرسمي وهو عنوان لاحق على التأسيس والوجود والدور والوظيفة وهذا العنوان انبثق رسميا بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء الاسبق نوري المالكي الذي اعلن في حزيران 2014 عن تشكيل هيئة الحشد الشعبي والتي كانت في بدايتها عبارة عن لجنة تولت مهمة تنظيم التحاق المتطوعين للقتال ضد زمر داعش الارهابية تلبية لفتوى الجهاد الكفائي التي اصدرتها المرجعية الدينية العليا بعد انهيار القوات المسلحة العراقية وسقوط عدد من المحافظات العراقية تحت سيطرة التنظيم الارهابي الذ حمل عنوان الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) .
وقد اصدرت بعدها الحكومة امرا ديوانيا لتنظيم شؤون هذه الهيئة والالوية والفصائل الحشدية المرتبطة بها .
وفي القانون رقم 40 الذي اصدره مجلس النواب العراقي اكتسب الحشد الشعبي صفته الحكومية الرسمية التامة باعباره صنفا من اصناف القوات المسلحة العراقية .
2- الحشد الشعبي بعنوانه الجماهيري وهو العنوان الاصلي الذي انبثق منه هذا التشكيل العقائدي الوطني والذي التحق بموجبه المتطوعين الملبين لنداء المرجعية الدينية بالقوات المقاتلة التي تصدت لزمر داعش ومنعتها من التقدم صوب بغداد وسامراء وكربلاء ، هذه القوات التي كان قوامها الاساس عدد من فصائل المقاومة الاسلامية التي نسقت معها الحكومة العراقية قبل دخول داعش بأشهر عدة وكانت تتواجد في محيط بغداد وتقاتل الزمر الارهابية التي كانت تتحرك هناك من خلال حواضنها السكانية وتحت هذا العنوان الجماهيري مازال الشارع العراقي يتعامل مع القوى السياسية والوطنية والشخصيات القيادية المجاهدة التي انبثق منها الحشد وكان لها دورا بارزا في دعمه وتنظيمه وتدريبه وتوفير احتياجاته التسليحية واللوجستية بالتنسيق مع الجهات الحكومية ، مازال الشارع يتعامل معه على انه ( الحشد الشعبي) الذي هو اعم واشمل من الوية هيئة الحشد الشعبي الرسمية وان كانت هي نواته الاكبر .
من هنا يمكن التعامل مع التساؤلات التي ترد ضمن عنوان مقالنا ( الحشد الشعبي والمتغيرات السياسية ) فيكون الجواب بالعنوان الجماهيري الاشمل ..
ولرب سائل يسأل عن كيفية تعامل الحشد الشعبي مع المتغيرات السياسية في الساحة العراقية وتغير الحكومات منذ تأسيسه وصولا الى الحكومة الحالية ؟ وللاجابة نقول :
يتأثر الحشد الشعبي باعتباره حالة جماهيرية كبرى وقوى سياسية فاعلة بالمتغيرات التي تجري على الساحة العراقية ففي الوقت الذي كان فيه الذراع الضارب للحكومة وهي تدافع عن وجود الدولة العراقية بعد حزيران 2014 ونظرا لجسامة التحديات التي كانت تمر بها البلاد فقد كان للحشد الشعبي موقع الصدارة في الاشهر الاخيرة لحكومة المالكي فقد كان طوق النجاة التي احتمت بها الدولة عموما والحكومة خصوصا اذ تحول الحشد الى عمود فقري استند عليه الوجود العسكري واستعادت من خلاله القوات المسلحة قدرتها على المواجهة والتصدي .
اما على الجانب السياسي فقد كان شعور الذعر والخوف الذي استسلمت له باقي القوى السياسية دفعها الى مساندة هذه القوة الشعبية الكبيرة ومن هنا فقد اختلفت طبيعة العلاقات السياسية لجميع المتصدين للمشهد السياسي والمشاركين فيه واصبح للحشديين موقع الصدارة فيه ومع ذلك فقد بقي النظام السياسي بشكل عام عاجزا عن تقديم الدعم والاسناد الفاعل الذي يستحقه الحشد بسبب الطبيعة المتلكئة التي اتصف بها النظام المبني على التوافقية والمحاصصة والارتهان الى القرار البرلماني الذي وقفت امامه الحكومة عاجزة عن التفاعل بالشكل المطلوب وكان هذا الاثر واضحا طوال السنوات الاربع التي استلم فيها الدكتور حيدر العبادي رئاسة مجلس الوزراء وكان القائد العام للقوات المسلحة .
وبرغم الانتصارات الكبيرة التي حققها الحشد الشعبي في جميع المعارك التي خاضها والتي اسفرت عن تحرير محافظة ديالى ومن بعدها صلاح الدين فقد كان الضعف الحكومي الواضح امام الضغوط الامريكية من ابرز العوامل التي اخرت الكثير من العمليات وتسببت بطول مدة القتال ، وقد كانت وجهة النظر الحشدية ازاء التدخلات الامريكية في الشأن العراقي واضحة خصوصا في ظل المعلومات التي تؤكد ان تنظيم داعش صناعة امريكية وان واشنطن برغم الدور الذي تمارسه مع قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش الا انها تدعم التنظيم بشكل معلن في سوريا والتي تعد القاعدة الاساسية لانطلاق التنظيم الارهابي وتواجده في العراق واستيلاءه على مدن ومحافظات عراقية ، اضافة الى الشواهد المتعددة التي اثبتت تقديم الدعم والاسناد الامريكي لزمر داعش المتواجدة في اماكن مختلفة اضافة الى الاعتراف المسجل والموثق الذي ادلى به الرئيس الامريكي دونالد ترامب في حملته الانتخابية والذي نص فيه على ان سلفه اوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلانتون هم من صنعوا داعش في سوريا والعراق .
وفي الوقت ذاته فقد كان رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي مصرا على التماهي مع الرغبة الامريكية في منع الحشد الشعبي من مواصلة سلسلة انتصاراته الكبيرة وقد تكرر هذا في تكريت والرمادي والموصل القديمة وهي مراكز محافظات كانت امريكا حريصة على منع تحريرها وقد تسبب ذلك بدمار هائل في الرمادي والموصل بسبب السياسية التدميرية للقصف الامريكي داخل المدن .
وقد عانى الحشديون كثيرا من ممانعة العبادي في حينها من منح مقاتلي الحشد الشعبي استحقاقتهم المالية والوظيفية ولم يتمكن الحشد الشعبي من مساواة رواتب منتسبيه مع باقي اصناف القوات المسلحة العراقية الا بعد رحيل العبادي واستلام السيد عادل عبد المهدي لرئاسة الحكومة العراقية اواخر عام 2018.
وبرغم فرحة الانتصارات فقد كان تذبذب موقف العبادي من الحشد الشعبي وسعيه لكسب رضا الادارة الامريكية على حساب شعبه ومقاتليه الابطال سببا في عدم نيل الحشد استحقاقه السياسي في انتخابات برلمان عام 2018 اذ لم يفز تحالف الفتح الذي ضم اغلب القوى الحشدية الا بنسبة اقل من 15 بالمئة من مقاعد البرلمان ، وقد كان لسوء ادارة العبادي لهذا الملف تأثيرا واضحا على نتائج الانتخابات مما يمكن عده من اكبر المتغيرات السياسية التي اثرت سلبا على الحشد الشعبي من جراء الحكومات المتعاقبة ، ولا يمكن ان ينكر احد ان فترة استلام السيد عبدالمهدي التي لم تسمح لها الادارة الامريكية بالاستمرار كانت من افضل الفترات التي مر بها الحشد الشعبي على الصعيد السياسي والجماهيري فقد اوفت الحكومة بالتزاماتها تجاه الحشد وتمكنت من مضاعفة رواتب منتسبيه مع الوفاء بحقوق الشهداء والجرحى .
وبرغم من ايجابية عبدالمهدي الا ان ضعفه وعجزه عن التصدي للجرائم الامريكية الغادرة في القائم والمطار وعمليات القصف كان واضحا وهو جزء من الضعف العام للنظام السياسي الهش الذي اسست له الادارة الامريكية في العراق .
وبعد رحيل قائد الحشد الشهيد ابو مهدي المهندس واستقالة عبد المهدي انتقل الحشد الى مرحلة جديدة من التعامل غير المعتاد بدأ بخطأ كبير ارتكبته الحكومة في حادثة البوعيثة وعادت لتعتذر عنه وكررتها في ما سمي باتفاق سنجار والذي اساءت فيه لقوى الحشد الشعبي التي اعطت الدماء التي تنكرت لها حكومة الكاظمي كما تعاملت بطريقة سلبية مع قوات الحشد في سهل نينوى واخرها التزامها الصمت ازاء اساة متعمدة صدرت عن مسؤول كردي كبير اثار غضبة جماهيرية في الشارع العراقي .
وبهذا الاستعراض يمكن القول ان الحشد الشعبي كقوى شعبية وسياسية يتأثر بشمل واضح بطبيعة تعاطي الحكومات مع القضايا الاساسية التي تعني ابناء الشعب العراقي فالحشد هو الظهير والساند لها وما ينفع الشعب يترك اثرا ايدابيا على الحشد الشعبي والعكس صحيح ايضا .
ويمكن القول بشكل صريح ان اكبر ضربة تلقاها الحشد الشعبي الذي اعتاد على تحقيق الانتصارات في كل المعارك التي خاضها هي الضربة الامريكية الغادرة في جريمة المطار والتي سبقتها سلسة من الاعتداءات الغادرة ابرزها استشهاد وجرح اكثر من ثمانين مقاتلا من ابطاله في منطقة القائم الحدودية غربي العراق ، والتي تصدى لها محبي وانصار الحشد الجماهيري بتظاهرة احتجاجية عارمة في يوم تشييع الشهداء ضد السفارة الامريكية ببغداد التي شهدت لاول مرة استهدافا جماهيريا غاضبا شارك فيه الالاف من العراقيين بقيادة خيرة قادة الحشد الذي شاركوا الجماهير غضبتهم تقدمهم الشهيد ابو مهدي المهندس والشيخ قيس الخزعلي امين عام عصائب اهل الحق والحاج هادي العامري رئيس تحالف الحشد وعدد من النواب والمسؤولين الحشديين.
ويبدو ان هذا التصدي الجماهيري قد اثار غضب الادارة المريكية التي اندفعت لارتكاب جريمتها الغادرة في مطار بغداد الدولي والتي اسفرت عن استشهاد القائد المهندس وضيف العراق والداعم الاكبر للحشد الشعبي الجنرال الايراني الشهيد قاسم سليماني .
وبالنظر للدور الكبير الذي كان يلعبه الشهيد المهندس في تنظيم وادارة العمل الحشدي عسكريا وجماهيريا وسياسيا فقد كان استشهاده فاجعة كبيرة لم يستطع الحشد الشعبي ان يتناسى الامها حتى الساعة ، والمراقب للشأن السياسي يدرك الدور البرز الذي كان يلعبه المهندس في تصفية الخلافات وجمع الكلمة والدفاع عن حقوق المظلومين فقد كان وبحكم خبرته السياسية ومكانته الاجتماعية والعسكرية فاعلا مؤثرا على جميع القوى السياسية والحزبية بمختلف انتماءاتها وتنظيماتها وتوجهاتها واطيافها ، وقد ترك غيابه اثرا واضحا لا على الحشد فحسب بل على العملية السياسية والحالة الجماهيرية لابناء الشعب العراقي من انصار الحشد ومحبيه ، واذا كان الحشد الشعبي كمؤسسة رسمية يمكن ان يعوض غياب المهندس فأن غيابه كرمز كبيرا سيبقى شاغرا واضحا في المخيلة الحشدية العراقية وسيتجاوزها الى الالتأثير الاقليمي الذي كان له دورا كبيرا فيه ايضا .
ومع الاستهداف الكبير الموجه نحو الحشد الشعبي كحالة جماهيرية وكمؤسسة رسمية فقد كان الشهيد المهندس هو الاقدر على الدفاع عن الحشد الشعبي الذي تصاعدت ضده الاتهامات بعد غياب القائد المهندس ، وفي قضايا هو من اشد الرافضين لها كالموقف من استهداف البعثات الدبلوماسية الذي يجب التعامل معه من قبل هيئة الحشد الرسمي ومن جميع القوى الحشدية بحذر شديد فالجميع اعلن وبشكل قاطع وواضح رفضه التام لاستهداف البعثات الدبلوماسية ومع ذلك فان هناك اعلام معادي وشخصيات حاقدة على الحشد تحاول الاساءة له باي شكل من الاشكال ، فحتى السفارة الامريكية التي لايمكن وضعها في اطار ( البعثات الدبلوماسية) لانها عبارة عن قاعدة عسكرية تضم اسلحة فتاكة متطورة واعداد كبيرة من المارينز اضافة الى دورها التخريبي على صعيد ضرب القيم العراقية الاصيلة وتحولها الى وكر تجسسي يضم في اروقته الاف الخبراء الذين لايعلم احد ماذا يخططون وينفذون منذ اكثر من سبعة عاما ، حتى هذه ( السفارة ) اعلنت القوى الحشدية انها ضد استهدافها لان الاستهداف يسيء للعراق اعلاميا ، اما باقي البعثات الدبلوماسية فبرغم تعرض المقرات الايرانية للاعتداء في البصرة والنجف وكربلاء الا انها عادت لتمارس اعمالها بشكل اعتيادي دون ان تتعرض لاي تهديد الا من قبل مجموعات منحرفة تعمل بأمر السفارة الامريكية والسعودية .
ويبقى الحشد الشعبي كمؤسسة رسمية وكقوى سياسية وشعبية مع الحفاظ على سمعة العراق ومكانته الدولية .
ولعل الحشد الشعبي يوجهيهه الرسمي والجماهيري يمكن عده اكبر هدف للهجمات الحاقدة والاشاعات المغرضة والاخبار والاكاذيب المفبركة والتي تقوم بتنفيذها ضده جيوش الكترونية ومجتميع من الذباب الاعلامي وهي مستمرة باشكال والوان وصيغ متعددة ومتلونة ولعل الفهم الذي يمتلكه قادة وانصار الحشد هو الذي اضاع كل جهود اعدائه فهم يفهمون ان لكل هذه الاكاذيب والفبركات هو الدور العظيم الذي لعبه الحشد منذ تأسيسه في تحطيم المشروع الامريكي الاسرائيلي التخريبي الذي اراد تمزيق العراق واضعافه وتليمه للتكفيريين والانفصاليين ليحولوه الى دولة فاشلة مفككة تستسلم للهيمنة الامريكية لكنهم اغفلوا دور المرجغية الدينية ودورها في استنهاض الهمم وتسخير كل الطاقات للدفاع عن الوطن والمقدسات فكان دور الحشد السياسي والعسكري والجماهيري سببا في كل الهجمات التي تقاد ضده ولن تزيده الا عزيمة واصرارا .
ومن اجل اكمال تحطيم المشروع المعادي يؤمن قادة الحشد وانصاره ان استقرار العراق في استقلاله وخلاصه من الوجود الاجنبي العسكري الذي رفضه الشعب العراقي في مظاهراته المليونية وعبر عن ارادته اعضاء مجلي النواب في القرار الرلماني الخاص بوجوب انسحاب كافة القوات الاجنبية من الارض العراقية وهو قرار معبر عن اهداف الحشد وسعيه وجهاده للدفاع عن العراق وامنه وسيادته .

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال