جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف إستتراتيجية الثأر في السياسة الإيرانية .. ثأر قادة النصر إنموذجاً

إستتراتيجية الثأر في السياسة الإيرانية .. ثأر قادة النصر إنموذجاً

حجم الخط

 

أحمد رضا المؤمن

كنت مع آلاف المنتظرين لوصول الجثامين الطاهرة للشهداء القادة الحاج سليماني والحاج أبو مهدي المهندس ورفاقهما للتشرف بتشييعهما والصلاة عليهما ليلة (السبت ـ الأحد) 4 كانون الثاني 2020م ، ولما طال الإنتظار ساعات طويلة إتجهت للجلوس في الصحن الشمالي لمرقد الإمام أمير المؤمنين “عليه السلام” وتحديداً مقابل واجهة مسجد عُمران بن شاهين ، وسرعان أن وجدت الكثير ممن الأخوة والأصدقاء ومنهم الشيخ كاظم العبادي والشيخ مازن المطوري والشيخ حسن الأسدي ، فكان الحديث ممزوجاً بين ألم صدمة الإغتيال وغضب الرغبة بالإنتقام ، وطبعاً كنا جميعاً متفقون على أن الجمهورية الإسلامية في إيران سيكون لها رد إنتقامي هائل يتناسب مع حجم الإعتداء وفاجعة الإغتيال ، إلا الشيخ كاظم العبادي فإنه خالفنا جميعاً وقال بأن : (الجمهورية الإسلامية لا تُفكّر كما تقولون ، إيران لن تنتقم بالطريقة التي تحلمون بها ، وفصائل المقاومة العراقية ستكون منسجمة مع الطريقة الإيرانية التي تنظر للمدى البعيد ..) . لم نقتنع بما قاله الشيخ العبادي أبداً خصوصاً مع أجواء الشحن الحماسي الإعلامي من قبل محور المقاومة الذي كان يدق طبول الحرب الإنتقامية الساحقة الماحقة ترافق كل خطواته القصيدة الإيرانية المهدوية الحماسية (أي لشكر صاحب زمان آمد باش آمد باش ..) والتي تعني يا جيش الإمام المهدي تهيأ تهيأ ..

ثم دارت الأيام والليالي ولاحظنا كيف أن الرد الإيراني كان (رغم قوته) إلا أنه كان مقتصراً على ضربات محددة على القواعد الأمريكية في العراق دون التوسع أكثر وتمددها جغرافياً بما يؤدي إلى تحولها إلى حرب عالمية كما كان يتوقع العدو والصديق .

بعد هذه السنين عرفنا أن القادة في الجمهورية الإسلامية فعلاً وكما قال الشيخ كاظم العبادي لا يفكرون كما نفكر ، فتفكيرهم اليوم تفكير إستتراتيجي بعيد المدى يخلو من العواطف والإنفعالات ، تفكير مبني على دراسات دقيقة قائم على حسابات (النصر بالنقاط وليس بالضربات القاضية الحاسمة) كما قال السيد حسن نصر الله يوم 14 تشرين الأول 2023 الجمعة بعد إسبوع واحد من معركة طوفان الأقصى في فلسطين خصوصاً بعد أن بدأ الرأي العام لجمهور المقاومة بالضغط على حزب الله لبنان لأن يقصف إسرائيل بكل ما لديه من قوة .

إن محوراً نجح حلفاءه في إنشاء أنفاق أكبر من أنفاق مترو لندن وتمكن من التخطيط لعملية طوفان الأقصى وتدمير هيبة كيان العدو الإسرائيلي المزعومة وقبل ذلك نجح هذا المحور من سقوط سوريا والعراق بيد الزمر التكفيرية وكذلك نجح في ولادة وطن مقاوم في اليمن ساهم بتحقيق التوازن العسكري لمحور المقاومة كل هذه النجاحات وغيرها مما لا يعد ولا يُحصى يؤكد أن محور المقاومة والممانعة اليوم بقيادة آية الله العظمى السيد الخامنئي “دام ظله الوارف” يتصرف ويتحرك بقوة مصحوبة بحكمة وتخطيط مثمر بعيد عن العنتريات التي إعتدناها من بعض القادة العرب أمثال المقبور صدام الهدام والقذافي ومن قبلهم جمال عبد الناصر .

لقد إستفادت الجمهورية الإسلامية في إيران أيّما إستفادة من تجربة الحرب المريرة التي شنها ضدها المقبور صدام الهدام وبدعم وتآمر عالمي فظيع حتى ممن كانوا يتظاهرون بالصداقة مع إيران ، وفي ذلك يروي السيد الخامنئي قصته عندما كان رئيساً للجمهورية وتقدمت إيران بالطلب من الإتحاد السوفيتي بتجهيز الجيش الإيراني بأطنان من الأسلاك الشائكة التي تساهم في حماية أراضيها ولكن الإتحاد السوفيتي رفض بحجج واهية كشفت عن مشاركته بالتآمر على الجمهورية الإسلامية مع صدام .

كما جربت سكوت العالم وتآمره ضدهم مع صدام عندما إستخدم الأسلحة الكيمياوية المحرم دولياً ، وجربت تآمر فرنسا مع صدام في تزويده بطائرات السوبر أتندار المتطورة جداً في حينها والتي تمنع القوانين الفرنسية بيعها لأي دولة أخرى فإذا بها (تؤجرها) لصدام !

أي أن إيران عرفت جيداً من خلال حرب الثمان سنوات الظالمة أنهم أمام عالم همجي شيطاني يستخدم زائفة لا يطبقها إلا بخصوص مصالحه ، عالم لا يحترم إلا القوي ، ولذا نرى بأن سياسة الجمهورية الإسلامية في إيران تستخدم مُنذ ذلك الحين سياسة (حائك السجّاد) التي تَتَطلب صَبراً ونَفَساً طويلاً أو كما يُعَبّرون في الأمثال (يحفرون البئر بإبرة !) .

الخلاصة هي أن محور الظلم والفساد والعدوان يستخدم إستتراتيجية القوة والبلطجة ، بينما محور المقاومة والممانعة بقيادة الجمهورية الإسلامية في إيران تستخدم إستتراتيجية أخرى تختصرها الحكمة القديمة القائلة : (الكثرة غلبت الشجعان ، ولكن الحيلة غلبت الكثرة والشجعان معاً) .

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال