جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف التأريخ، هو الشاهد على الأمم..!

التأريخ، هو الشاهد على الأمم..!

حجم الخط

 


كوثر العزاوي ||

مما لايخفى على ذي لب، بأن كل أمة وكل بلد وكل قوم وكل انسان له تأريخ لايأكله التراب ولا تمحقه الأيام، وقد يشكّل العلامة الفارقة في حياة البشرية وعلى مستوى الفرد والمجتمع، ويمكن أن نقول، أنّ روح تأريخ العالم كله يتلخص في سطوع تأريخ الرجال العظماء الذين يؤسسون ويساهمون في ديمومة الحضارة الإسلامية، فالتراب قد يدفن كل شي الّا التاريخ!.

وفي عصرنا الحاضر، وربما بعد عقود من الزمن، ستأتي الأجيال تسأل عن تاريخ بلدٍ مثل العراق بلد المقدسات والأبطال، بلد الكرم والمكرمات، لذا صار لزامًا عليكم تعريف التأريخ لابنائكم وأحفادكم وتلاميذكم وطلبة الجامعات وحتى الوافدين إليكم في دياركم، كما يجدر بالجيل الواعد وفي ظل التكنلوجيا الحديثة، أن لاينتظر من يعرّفه ماضيه وحاضره، بل يبحث ويسأل، حتى يصل الى معرفة الحِقَب الأكثر إثارة وثورةً، من قبيل ماانطوى عليه تاريخ العراق من أحداث مثيرة وحوادث مؤلمة، تركت بصماتها على الأمة والشعب.

أما ماأريد قوله في هذا المقال والأسى يحز بخاطري، هو أنّ العراق أكثر الدول استهانة بتأريخه مع كل الشرف والعظمة التي طوقت معالم بلد المقدسات وتضحيات رجاله ونسائه، ولو قمنا بمقارنة بسيطة مع بعض الدول لرأينا مثلا: كيف أنّ ألمانيا ماتزال تحتفظ بأجزاء من الجدار العازل في برلين في بعض مواقعه، تذكرة للأجيال بمأساة عملية الفصل بين الأهل والأقارب بأمر من العدو.

وذي دولة إيران الاسلامية، هي الاخرى لم تزل تحتفظ بقصور الشاه بكامل أثاثها، وأماكن السجون ومواقع الدفاع المقدس أيام الحرب العراقية عليها، وغير ذلك من المعالم التي تشكّل تذكرة وحالة من التأمل في نمط حياة حكام الدول، وهذا ماينطبق على كل الدول التي مرت بفترات من الغزو أو الظلم أو الطائفية والعنصرية، فإنها تحتفظ بما يرمز لذلك كجزء من التاريخ، لأخذ العبرة والاستفادة من التجارب، فضلًا عن الخشية من تزييف حقائق تاريخها، فيتحول الخائن الى وطني، والمضحّي الى خائن، كما يتحول الجبان الى بطل والبطل الى”ذيل”!. فغالبية الدول إن لم نقل كلها، حريصة على الإحتفاظ بمآثرها وأمجادها وتضحياتها، إلّا العراق!. وإليك شاهدًا واحدًا:

-لم يحفظ العراق شيئًا عن المقابر الجماعية لمئات الآلاف من مختلف أصناف البشر، لا برمز ولا نُصب، لكي يعرف مَن لم يعاصر تلك الحقبة المظلمة مقدار الطغيان والجبروت الذي كان يمارسه طاغية العراق “صدام” في عهده الأسود وزمنه الرديء.

-العراق يهمل “نگرة السلمان” التي لو قُيّض لجدرانها أنْ تتكلم أو تكتب ، لصرخت: ها هنا كان يمارس مسوخ الناس هوايتهم في إذلال الذين لم يرضخوا، وها هنا كان الرجال يُثبتون بأنّ معنى العزة لا تُفهَم إلّا بأنْ يُعْرَف مَن كان يمارسها بصبر وجَلَد عجيبين داخل جدران ذلك المعتقل!.

-ثم أين معالم قصر النهاية الذي أنزل فيه البعثيون عبد الصاحب دخيل ورفاقه في حوض التيزاب؟!.

-ماذا يعرف العراقيون قبل غيرهم عن:

*معتقل الرضوانية؟!

*زنازين ودهاليز الأمن العامة، وأمن الثورة، وو..

*حاكمية المخابرات، والشعبة الخامسة.

*القافات المقفلة في أبي غريب ومقاصل الإعدام؟!.

*سجن الفضيلية.

*سجن الرشاد الخاص بالنساء “حرائر العراق” ذوات العفة والشرف،( وماذا وماذا وماذا!!

فلو كان عندنا أدباء حقًا، لكتبوا عن هذه المعتقلات والسجون وأهوالها، وما كان يمارسه الجلادون من فنون التعذيب الوحشي، وما كان عليه معتقلوها من صبر وجَلَد وإباء، لكتبوا من الروايات والحكايات التي ستصدم كل صاحب ضمير حيّ!

ولو كان عندنا فنانون حقًا، لما شغلتهم الفضائيات المشبوهة بمسلسلات وبرامج تافهة المحتوى هزيلة الشكل، لسجلوا حكايات الظلم والطغيان من جانب، وحكايات الصمود والشجاعة والأنفة والعزة في الجانب الآخر، ما قد يغطي جزمًا على حكايات ألف ليلة وليلة! ترى ماالجديد الذي أنجزته الحكومات المتعاقبة من احتضان تاريخها قبل محوه وتزييفه منذ عام ٢٠٠٣م والى يومنا هذا! سأقول انا، إنّ الإنجاز الجديد لحكومة اليوم من حفظ تاريخها، والتي يُفترَض أنّها وصلت باسم المظلومين والمعذّبين، فقد قررت بالأمس القريب تحويل”الشعبة الخامسة” الى مرافق ترفيهية وأماكن استراحة!

وأهملت سجن الرشاد ليصبح سكنًا للمتجاوزين من عوام الناس! بدلاً من أنْ تجعل من أماكن القمع متحفًا يؤرخ لتلك الحقبة الحالكة السواد، وتستنطق جدرانها قسوة التعذيب وإنتهاك الأعراض وصرخات الظهور العارية لعظماء وخيرة الشباب التي ألهبتها السياط، ولتُعرّي مَن كان يتلذذ بالتعذيب من مسوخ البشر برعاية سيدهم جرذ “العوجة”،

ولتفضح هوية أُناس نُزعتْ الرحمة من قلوبهم وتحولوا الى وحوش كاسرة، بل الوحوش تأنف عمّا كان عليه أولئك من نذالة وخسة وقسوة! فلانستغرب كل هذا التغاضي والإهمال لصفحة من تأريخ هي الأهم والأخطر لبلد مثل العراق!، ربّما قررت هذه الحكومة كل ذلك بإستشارةٍ من بعثيّ مقرب منها، وما أكثرهم، أو عبقري تفتّق ذكاؤه للإيحاء بذلك تحت عنوان طيّ تلك الصفحة، وعدم التذكير بويلاتها،حفاظًا على اللُحْمَة الوطنية،

أو احترامًا لمشاعر مَن عاد الى الحضن الوطني بعد أن أصاب مقتلًا! كما لانستغرب من ذاك الذي أقترح، أنّه لا يصح أنْ تُكتَب عبارة: الإعتداء الصدامي على بعض آثار إستهداف مرقد الإمام الحسين “عليه السلام” بالأسلحة، لأنّه سيكون تخليدًا لصدام ، الأمر الذي فات مَن استمع لهذا الإقتراح البائس، أنّه على فرض ذلك،

كان الأوْلى منع الخطباء والمؤرخين من ذكر اسم يزيد “لعنه الله” خشية تخليده! ولاأدري، هل من مخلص يسعى للتأثير على حكومتنا اليوم، لتتراجع عن قرارها من تحويل الشعبة الخامسة الى مرافق ترفيهية، فضلًا عن ضرورة إلفات نظرها الى الحفاظ عما تبقى من مرافق القمع والتنكيل من بنايات الأمن والسجون وقصور الطاغية الموبوءة كشاهد يفصح عن أشرف جزء خطير من تاريخ العراق، يحكي معاني الصمود والمقاومة، ويخلّد أناسًا رسموا ملامح مشرقة لمستقبل أفضل. والله تعالى يقول: إِنّا لانُضِيعُ أجْرَ مَنْ أَحسَنَ عَمَلًا} الكهف ٣٠

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال