جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

 



سمير السعد || 

إبراهيم الصميدعي، الذي يلقبه البعض بـ”الحاوي السياسي”، عاد مرة أخرى ليحتل الشاشات الفضائية بظهوره المتكرر في برامج التحليل السياسي، مقدمًا آراءً مثيرة للجدل تتسم غالبًا بالطابع الاستفزازي والافتقار للدقة. تلك الآراء، التي تبدو أحيانًا وكأنها من بنات خياله، لا تخلو من المصطلحات الرنانة والشعارات التي يُسقطها كيفما اتفق، دون أن يدعمها بأي وثائق أو رؤى استراتيجية واضحة.

الصميدعي، الذي لم يُعرف له منصب رسمي واضح سوى وصفه بـ”مستشار لا يُستشار”، كما أطلق عليه النائب مصطفى سند، أثار موجة من السخرية بعد تصريحاته الأخيرة بشأن “نهاية ثنائية الدولة والمقاومة” في العراق نتيجة ما أسماه بـ”الضغوط الأمريكية”. هذه التصريحات لم تكن سوى وقود جديد أضافه إلى نيران الجدل حول شخصيته التي تُثير استياءً لدى شريحة واسعة من المتابعين والمحللين على حد سواء.

تحركات الصميدعي الإعلامية تُشبه تنقل الطيور بلا هدف، إذ يبدو كأنه يبحث عن أي منصة تمنحه مساحة للظهور، مستغلاً الأحداث الجارية لتقديم قراءات تفتقر في كثير من الأحيان إلى العمق أو المصداقية. وبعيدًا عن كونه مستشارًا حكوميًا حقيقيًا، يبدو أنه يلعب دور “المنظر  الاعلامي ” الذي يكرر العبارات السياسية السائدة، مُظهرًا تناقضًا كبيرًا بين موقعه المفترض ورسالته الإعلامية.

الأكثر إثارة في مسيرة الصميدعي هو ما أُثير حول ماضيه الإعلامي، حيث كشفت منصة “هف بوست عراقي” عن وثيقة نُشرت في عهد النظام العراقي السابق، تتضمن تحقيقًا صحفيًا أجراه الصميدعي، وامتدح فيه رئيس النظام آنذاك، صدام حسين. هذا الكشف زاد من تساؤلات الجمهور حول مصداقيته واستقلالية تحليلاته الحالية.

في مجمل ظهوره، يكتفي،  بتقديم توقعات أشبه بالبالونات الهوائية، دون أن يقدم أي رؤية متماسكة أو حلول حقيقية للأزمات التي يناقشها. وهذا ما جعله هدفًا للسخرية والنقد اللاذع، إذ يراه البعض نموذجًا للمتحدث الذي يجيد التلاعب بالكلمات لكنه يفتقر إلى أي تأثير فعلي في المشهد السياسي.

بينما يواصل الصميدعي جولاته الإعلامية، يبقى التساؤل مطروحًا حول جدوى تلك التحليلات التي يقدمها ودورها في تشكيل الرأي العام. هل هي محاولة للبحث عن الأضواء أم أنها تأتي في إطار أجندة أوسع تهدف إلى خلط الأوراق في المشهد العراقي؟ الأيام وحدها ستكشف الإجابة.

في الوقت الذي تتصاعد فيه الانتقادات الموجهة للصميدعي، يبقى الإعلام العراقي مُنقسمًا حول دوره. فمن جهة، يعتبره البعض أداة تُستخدم لإثارة الجدل وشغل الرأي العام بقضايا ثانوية لا تسهم في حل الأزمات الوطنية الحقيقية. ومن جهة أخرى، يرى آخرون أن ظهوره المتكرر يعكس خللًا في المنظومة الإعلامية التي باتت تفتح أبوابها أمام من يرفع الصوت أكثر من أولئك الذين يحملون رؤية حقيقية.

إن السماح لشخصيات مثيرة للجدل، مثل هكذا شخصيات ، باحتلال مساحة واسعة من النقاشات السياسية تسلط  الضوء على ضرورة إعادة تقييم المسؤولية الإعلامية. فبينما يمر العراق بتحديات داخلية وخارجية كبرى، يحتاج المشهد الإعلامي إلى شخصيات ذات خبرة حقيقية وأصوات تحمل رؤى وحلولًا فعلية، لا مجرد شعارات تتغير وفقًا للمزاج السياسي.

التاريخ الشخصي والتناقضات في تصريحات الصميدعي تُثير تساؤلات مشروعة حول النوايا الحقيقية وراء ظهوره الإعلامي. هل يسعى إلى تعزيز مصالح شخصية، أم أنه يمثل جزءًا من لعبة سياسية أكبر تُدار من خلف الكواليس؟ هذه التساؤلات تُعمق من الهوة بينه وبين الجمهور الذي بات ينظر إلى آرائه بعين الشك والريبة.

في نهاية المطاف، يظل المشهد العراقي بحاجة إلى أصوات مسؤولة تُقدر قيمة الكلمة وتأثيرها في توجيه الرأي العام. أما الشخصيات التي تكتفي بالاستعراض والتلاعب بالمصطلحات، فستظل محط سخرية وانتقاد، خصوصًا في مجتمع يبحث عن حلول عملية لأزماته بدلًا من خطابات جوفاء لا تُسمن ولا تُغني من جوع.

ختامًا، يبقى  الصميدعي نموذجًا مثيرًا للجدل في المشهد الإعلامي والسياسي العراقي، ولكنه أيضًا دعوة للتأمل في طبيعة الشخصيات التي تُمنح الفرصة للتأثير في الرأي العام. فهل سيستمر في هذا الدور، أم أن الأيام القادمة ستحمله خارج دائرة الضوء التي يبدو أنه يستمتع بها كثيرًا؟

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال