د. عامر الطائي ||
في تاريخ الأمم والشعوب، تقف اللحظات الكبرى شاهدة على مصائر الطغاة، حين تأتي عدالة السماء لتقتص من الجبابرة الذين تجبروا في الأرض بغير حق. ومثلما تسقط الأشجار العاتية أمام الرياح الهوجاء، هكذا كان سقوط الطاغية صدام حسين، الذي أسس لعهود من الظلم والقهر والطائفية البغيضة في العراق.
صدام لم يكن رجلاً عاديًا، بل كان نموذجًا متجسدًا للطغيان في أقسى صوره. استبد بشعبه، فكمم الأفواه، وزج بالآلاف من الأبرياء في السجون والمقابر الجماعية.
تلك المقابر التي تحولت إلى شواهد صامتة تروي قصص المظلومين الذين سلبت منهم الحياة، لا لشيء إلا لأنهم طالبوا بالحرية والكرامة.
لقد ملأ صدام العراق خوفًا ورعبًا، وأسس لطائفية مقيتة مزقت نسيج الوطن.
فلا بيت في العراق إلا ودخله الحزن، ولا أسرة إلا وفقدت عزيزًا بسبب جرائمه.
كان العراق، عبر تاريخه الطويل، وطنًا للتسامح والتعايش، لكن صدام أصر على أن يمزق هذا النسيج، ويبني سلطته على الدماء والأشلاء.
وجاء يوم الحساب، يوم الثلاثين من ديسمبر، ليكون رمزًا للعدالة التي قد تتأخر لكنها لا تغيب. في هذا اليوم، احتفى المظلومون بسقوط من ظن أنه فوق القانون، وأن جرائمه ستظل بلا عقاب.
لكن عدالة التاريخ أقوى، فهي تطارد الطغاة حتى النهاية، وتلقي بهم في مهاوي الهلاك.
إن عاقبة صدام تذكرنا جميعًا بأن الطغيان له نهاية، وأن الظلم مهما طال لا يدوم.
فالشعوب الحية لا تموت، وإن مرت بأوقات من القهر والمعاناة، فإنها تنهض من جديد لتكتب فصولاً جديدة من الحرية والكرامة.
لقد كان يوم إعدام صدام، بكل ما حمله من رمزية، فرصة للتأمل في دروس التاريخ.
فالأوطان لا تبنى بالقمع ولا تزدهر بالطغيان، بل تحتاج إلى قادة يؤمنون بالعدل والمساواة، ويسعون لخدمة شعوبهم لا لقهرها.
يبقى الثلاثون من ديسمبر يومًا للذكرى والعبرة، يومًا يذكرنا بأن الطغاة يذهبون، لكن إرادة الشعوب تبقى، وأن العدالة، وإن غابت، لابد أن تعود لتنتصر.