حسين الذكر ||
( عالم يقود وآخر منقاد ) .. هكذا يبدو المشهد العربي لاي باحث في ظل تسلط استعماري مستدام لا امل في تغييره وواقع عربي مريض .. فمطامح الحرية والاستقلال طوباوية تحت قبضة محتل غربي بمختلف مسمياته عبر التاريخ مهيمن مطلقا على سبل تحرر يديرها بحرفنة ودقة متناهية ..
فاغلب تحليلاتنا وسيناريوهاتنا واستنتاجاتنا السياسية وما نتجرعه من فقد المقابر او نتلوه عبر المنابر لا يمثل الحقيقة التي نتعاطى معها نعاميا في واقع سياسي مفروض لا نتملك من قدره مجرد ( اكذوبة ) نرددها كاننا صناع الفجر والقدر فيما الواقع ينبيء عن تسليم واستسلام متتابع تبدل فيه الوقائع والمواقع وينزل على رؤوسنا كالمطر دون تدبيرنا او تلبية لرغباتنا.
حينما حدثت هيتشكوكية 11-أيلول – 2001 لا اعرف ما الذي جعلني اشعر بلتقائية ان شرق اوسطنا هو المعني بالحدث برغم بعد مسرح الاحداث .. فما هي الا أسابيع واذا بالجيوش الغربية تدك بنية ومستلزمات الحياة في أفغانستان ثم العراق .. هكذا تدور عجلة الاحداث الدراماتيكية المحركة للراي العالم باوكرانيا او أي مكان اخر .. فمخرجات الحقل الغربي تختلف تماما عن حسابات البيدر العربي .
بكل الأحوال نتاج الثمر للذئب المستعمر اما مخلفات القشور فللحمار المستحمر .. هكذا اختمرت ابلغ حكمة حيوانية ترسخت في عقولنا.. فمصالح القوى العالمية أولا وأخيرا اما الشعوب مجرد مادة وعجينة لصب القوالب المطلوبة لتعبيد طريق الحرير بمختلف مسمياته .. ومن لا يرى في الغربال اعمى ..
يقول العالم البريطاني ريتشارد دوكينز .. باحدث تصريحات تمثل جوهر الحضارة الغربية المعتمدة : ( انا لا اهتم الا بما هو حقيقي انا عالم ومعلم وأريد ان يفهم الناس حقيقة الكون الذي يعيشون فيه .. هذا ما اهتم به واعتبر ان الأديان مجرد الهاء للناس وابعادهم عن العلم ) ..
يُعد الرئيس الأمريكي ترامب شكلا وقرارات من صلب مخرجات الحضارة الغربية في التعاطي مع الواقع وعملية انتخابه لم تكن وليدة المصادفة او محض نتائج صناديق الاقتراع كما يزعم ويتوهم بعض ادعياء التحليل الاستراتيجي فالترامبية فكر وتدبير واستراتيج غربي يسير بهدى نحو أهدافه وحتمية تحقيقها ..
والغاية ما زالت تبرر الوسيلة وعلى جميع طوابير المشائين حفاة الاقدام او حالقي الرؤوس ان يمروا على طرق تؤدي بهم الى حتمية روما .
في تصريحات جديدة مثيرة للفيلسوف الروسي الاسكندر دوغين يقول : ( نشهد ثورة محافظة في أمريكا لتغيير نظام القيم معاكس لمساره السابق .. فمباديء ترامب تتناقض تماما مع الايديلوجية اللبرالية التي تمثل جوهر استراتيجيات العولمة وما يحدث اليوم هو انقسام عميق في الغرب بين (العولمين) التقليدين المتجسدين بالرئيس بادين وقبله دبليو بوش الابن ..
فالترامبية الجديدة رفضت اللبرالية حتى غدت كلمة لبرالية بمثابة إهانة في أمريكا وللغرب البعض لا يدرك أهمية هذه التغيرات ..
فالقيم الليربالية العالمية ستتحول الى محافظة وذلك يتماشى مع المرسوم الروسي (809 ) الصادر عن الرئيس بوتين لمنع حرف القيم سيما الجندرية وحظر ترويج الانحرافات وإعطاء اولوية التركيز للوطنية وتغليب الروح على المادية ) ..
قمة ( ترامب بوتين) المنتظرة قد تعلن عن خارطة احدث للعالم وفقا لفلسفة ونظام قيمي جديد يروج له ليشهد ولادة شرق أوسط جديد يقسم ليس بفعل الجيوش والدبابات بل وفقا لفلسفة قيمية لا تختلف كثيرا عن قصة الحمار العربي المسكين في شراكته مع الثعلب الفنان .!
