جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف بحثٌ فقهي مختصر في الدليل على المراد بالضيف الذي يجب على المضَيّف دفع زكاة الفطرة عنه [3 – 3]..!

بحثٌ فقهي مختصر في الدليل على المراد بالضيف الذي يجب على المضَيّف دفع زكاة الفطرة عنه [3 – 3]..!

حجم الخط

 


الشيخ حسن عطوان ||


هنا عدة أراء :

إنّه يكفي في ثبوت وجوب دفع زكاة الفطرة عن المُضَيّف صدق عنوان الضيافة ، بحلول شخص ما ضيفاً على آخر قبل غروب ليلة الفطر ، وممَّن قال بذلك الشهيد الثاني في المسالك ( 1 ) .

إنّه لا يكفي ذلك ، بل لا بد من صدق العيلولة عليه عند دخول ليلة الفطر ، وممّن قال بذلك السيد اليزدي في العروة ( 2 ) .

إنّما يجب على المضيّف دفع زكاة فطرة ضيفه في حالة ما لو بقي الضيف عنده تمام الشهر ، وممّن قال بذلك السيد المرتضى في الإنتصار ( 3 ) .

واكتفى بعض الفقهاء كالشيخ المفيد بأنْ يكون ضيفاً في النصف الأخير من الشهر ( 4 ).

وهناك مَن اكتفى بأنْ يكون ضيفاً في اللّيلتين الأخيرتين ، كما هو رأي صاحب السرائر ( 5 ) .

ولا وجه ولا دليل للأقوال الثلاثة الأخيرة ، نَعَم لعل القائلين بهذه التحديدات يرون أنّه بدونها لا يصدق عنوان ( العيلولة ) عرفاً .

والعمدة إنّما هما الرأيان الأوّلان ، وهما :

كفاية صدْق كونه ضيفاً ، واشتراط صدق العيلولة ، فهما الإحتمالان المبنيّان على الاختلاف في كيفيّة الاستظهار من صحيحة عمر بن يزيد ، حيث قال :

( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطر ، يؤدي عنه الفطرة ؟

فقال ( عليه أفضل الصلاة والسلام ) : نعم ، الفطرة واجبة على كل مَن يعول من ذكر أو أنثى ، صغير أو كبير … ) ( 6 ) .

والرواية ينقلها الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب عن عمر بن يزيد .

وطريق الشيخ الصدوق الى الحسن بن محبوب فيه كلام ب ( محمد بن موسى بن المتوكل ) فهو مهمل ، لم يُذكر لا بمدح ولا بذم ، لكن وثقه بعض الرجاليين بأحد وجوه ثلاثة :

الأول : إنَّ الصدوق قد أكثر النقل عنه ، وظاهر ذلك أنّه معتمد عنده .

الثاني : إنَّ السيد ابن طاووس ادّعى الإتفاق على وثاقة رواة ، وابن المتوكل أحدهم ، ودعواه هذه تكشف عن توثيق بعض المتقدمين له ، فيكفي ذلك في البناء على وثاقته ، حتى لو بنينا على عدم الإعتداد بتوثيقات المتأخرين .

الثالث : إنّه من مشايخ الصدوق وقد ترضى عليه ، وترضي مثل الصدوق على شخص – لم يُضَعَّف صريحاً من قبل آخرين – أمارة الوثاقة ، وهذا راجح جداً .

على أنَّ لهذه الرواية طريق آخر ، إذ رواها الشيخ الطوسي بإسناده عن الحسن بن محبوب ايضاً ( 7 ) .

ولكن طرق الشيخ الطوسي التي ذكرها في مشيخته هي الأخرى ضعيفة ، إلّا إذا بنينا على وثاقة جميع مشايخ النجاشي لنوثق إبن أبي جيد فيكون الطريق الثالث صحيحاً ،

والراجح عدم ثبوت هذا المبنى تبعاً لجملة من الرجاليين .

ويمكن الإكتفاء بالطريق الأول الصحيح للشيخ الطوسي الى الحسن بن محبوب في الفهرست ، وقد عبّر هناك :

” أخبرنا بجميع كتبه ورواياته ” ( 8 ) .

فلعل ذلك كافٍ في ردّ الإشكال القائل بأنَّ طرق الفهرست هي طرق لعناوين الكتب وليس الى الروايات .

والحسن بن محبوب : ثقة .

وعمر بن يزيد : مشترك بين عمر بن محمد بن يزيد الثقة وبين عمر بن يزيد الصيقل المهمل ، وقال السيد الخوئي في المعجم : أنّه كلما ورد عمر بن يزيد بنحو مطلق فالمراد به الأول الثقة .

فالرواية معتبرة سنداً .

🖊️ ولكن وقع الكلام بين الأعلام في دلالة هذه الرواية ، فمنهم مَن استظهر منها كفاية صدق عنوان ( الضيافة ) في وجوب دفع زكاة فطرة الضيف على مضيّفه ، بتقريب :

إنَّ الرواية ذكرت عنوانين ، كل منهما يوجب بمفرده دفع زكاة فطرة الغير :

أولهما : ( الضيافة ) ، فهي بعنوانها موضوع مستقل لوجوب زكاة الفطرة على المُضيّف ، دل على ذلك جواب الإمام ب ( نعم ) عن السؤال عن زكاة فطرة الضيف .

وثانيهما : عنوان ( العيلولة ) ، حيث أنَّ قول الإمام : ( الفطرة واجبة على كل مَن يعول ) هو جملة مستأنفة أراد الإمام أنْ يبيّن بها عنواناً آخر لوجوب دفع زكاة الفطرة عن الغير .

🖊️ وبعبارة : إستظهر أصحاب هذا الرأي أنَّ قوله عليه السلام : ( نعم ) هو تمام الجواب عن السؤال عن فطرة الضيف ، الذي مقتضاه أنَّ مجرّد الضيافة بعنوانها موضوع مستقل لوجوب دفع زكاة فطرة الضيف ، وأنَّ قوله ( عليه السلام ) بعد ذلك ( الفطرة واجبة على كل مَن يعول ) جملة مستأنفة قد قصد بها الإمام ( عليه السلام ) بيان موضوع آخر لوجوب دفع زكاة الفطرة عن الغير ، وهو عنوان العيلولة ، فكلّ من العنوانين – الضيافة والعيلولة – موضوع مستقلّ بمفرده لوجوب دفعها ( 9 ) .

🖊️ ولكن يرد على ذلك :

إنَّ الرواية ظاهرة في أنّها لا تتحدث إلّا عن عنوان واحد ، وهو ( العيلولة ) ، فهي تفيد أنّ وجوب دفع زكاة فطرة الغير إنّما يثبت على المكلف عند صدق كونه معيلاً لذلك الغير ، فإذا صدق على الضيف أنّه من عيال المكلف ولو في ليلة العيد فقط ، فيجب على المضيّف إخراج زكاة الفطرة عنه ، وإلّا لو كان مراد الإمام ذكر عنوانين منفصلين لكان الأحرى تصدير جملة ( الفطرة واجبة على كل مَن يعول ) بواو الإستئناف ، وبدون ذلك فظاهر هذه الجملة أنّها في مقام التعليل لقوله عليه السلام ( نعم ) ، ومسوقة لبيان كبرى كلية تنطبق على الصغرى المذكورة في السؤال ( 10 ) .

🖊️ وبعبارة أخرى : إنَّ ما جاء في ذيل الرواية هو بيان للقاعدة العامة التي يُعتمَد عليها في وجوب دفع زكاة فطرة الغير على المكلف ، وما جاء في الصدر هو بيان لمصداق من مصاديق تلك القاعدة ، بحيث أنّه متى ما ثبت أنَّ الضيف ممَّن يعولهم المكلف ولو في تلك الليلة ، فيجب على المضيّف إخراج زكاة الفطرة عنه .

🖊️ فوجوب إخراج زكاة الفطرة عن الضيف إنّما هو لكونه من مصاديق هذه الكلّيّة ، وهي وجوب إخراج الزكاة عن كل مَن يعول ، ولازم ذلك أنَّ الضيافة بعنوانها لا موضوعيّة لها ، وإنّما يجب إخراج الزكاة عن الضيف لكونه ممّن يعوله المضيّف كأحد أفراد عائلته ، يتكفّل مؤونته ويقوم بشؤونه ويكون مسؤولاً عنه كسائر من يُضَم إليه من عياله .

فلو تجرّد الضيف عن هذا العنوان فلا يجب إخراج الزكاة عنه ، بل لو أخرجها المُضيّف فلا تجزي عن الضيف .

وبهذا يُفهَم المراد من رواية أخرى يرويها الشيخ الصدوق بإسناده عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج قال :

( سألت أبا الحسن ( عليه السلام ) عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله إلّا أنّه يتكلف له نفقته وكسوته ، أتكون عليه فطرته ؟

قال : لا ، إنّما تكون فطرته على عياله صدقة دونه ، وقال : العيال : الولد والمملوك والزوجة وأم الولد ) ( 11 ) .

وصفوان مشترك بين صفوان بن يحيى البجلي وصفوان بن مهران الجمال ، وكلاهما ثقة.

وطريق الصدوق الى صفوان بن يحيى : صحيح .

وطريقه الى صفوان بن مهران فيه محمد بن علي ما جيلويه وهو مهمل ، ولكنّه من مشايخ الصدوق وقد ترضى عليه ، وترضي مثله على شخص أمارة على الوثاقة .

وعبد الرحمن بن الحجاج ثقة .

فالرواية معتبرة سنداً .

فالفرض هنا : إنَّ شخصاً يتكفل بنفقة آخر ، ومع ذلك فلا يجب على المتكفل بالنفقة دفع زكاة فطرة مَن تكفل بنفقته ، لأنَّ المدار صدق العيلولة ، وهي لا تصدق بمجرد إنفاق شخص على آخر ، بل لا بد من صدق كونه أحد عياله الذين يتكفل بهم .

وعلى هذا فحتى الإبن مثلاً لا تصدق عليه العيلولة أحياناً ، كما لو كان لا يعيش في كنف والده ، ولا يتكلف الوالد معيشته ولا المسؤولية عنه .

🖊️ ثم أنّه يوجد خلاف آخر : وهو أنّه إذا نزل الضيف عند مضيفه بعد ثبوت الهلال وبعد دخول تلك الليلة ، وتحققت العيلولة ، فهل يجب على المضيّف إخراج ودفع زكاة فطرة الضيف ؟؟

أو أنَّ الوجوب مختص بمَن نزل ضيفاً قبل ثبوت الهلال ؟؟

المشهور : إنَّ الضيف إذا حلَّ عند مضيّفه بعد الغروب ودخول الليلة ، فلا يجب على المُضيّف دفع زكاة فطرته حتى لو كان مدْعواً قبل ذلك ، وحتى مع صدْق العيلولة .

ولكن لا دليل على هذا التفصيل ، وصحيحة عمر بن يزيد مطلقة من هذه الناحية ، إذ أنّها لا تشترط سوى صدق العيلولة ، سواء كان الضيف قد حلّ على مضيفه قبل الغروب أو بعده .

والله العالم .

أرجو ألّا تنسوني بدعائكم .

*****

( 1 ) العاملي ، زين الدين علي بن احمد ، المعروف بالشهيد الثاني ، ( أُستُشهِد : 965 هج ) ، مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام ، ج 1 ، ص 445 ، تحقيق ونشر : مؤسسة المعارف الإسلامية .

( 2 ) الطباطبائي اليزدي ، ( ت : 1337 هج ) ، العروة الوثقى ، ج 4 ، ص 206 ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة .

( 3 ) الموسوي الشريف المرتضى ، علي بن الحسين ، ( ت : 436 هج ) ، الإنتصار ، ص 228 ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة .

( 4 ) المفيد ، الشيخ محمد بن محمد بن النعمان ، ( ت : 413 هج ) ، المُقْنعة ، ص 265 ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة .

( 5 ) الحلي ، محمد بن منصور بن أحمد بن إدريس ، ( ت : 598 هج ) ، السرائر ، ج 1 ، ص 466 ، مؤسسة النشر الإسلامي

التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة .

( 6 ) الحر العاملي ، الشيخ محمد بن الحسن ، ( ت : 1104 هج ) ، وسائل الشيعة ، ج 9 ، ص 327 ، أبواب زكاة الفطرة ، الباب 5 ، ح 2 ، طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السلام .

( 7 ) الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن ، ( ت : 460 هج ) ، تهذيب الأحكام ، ج 4 ، ص 332 ، الحديث رقم ( 1041 ) وفق التسلسل العام ، الناشر : دار الكتب الاسلامية .

( 8 ) الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن ، ( ت : 460 هج ) ، فهرست كتب الشيعة ، ص 122 ، برقم ( 162 ) ، تحقيق العلامة عبد العزيز الطباطبائي .

( 9 ) النجفي ، محمد حسن ، ( ت : 1266 هج ، جواهر الكلام ، ج 15 ، ص 497 ، دار الكتب الاسلامية ، طهران .

( 10 ) الخوئي الموسوي ، السيد ابو القاسم ، ( ت : 1413 هج ) ، المستند في شرح العروة ، بحسب طبعة الموسوعة ، ج 24 ، ص 394 .

( 11 ) الحر العاملي ، الشيخ محمد بن الحسن ، وسائل الشيعة ، مصدر سابق ، ج 9 ، ص 328 ، ح 2 .

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال