سمير السعد
أثار تصريح السياسي العراقي مشعان الجبوري حول المجازر التي ارتُكبت بحق العلويين في الساحل السوري جدلاً واسعًا، حيث زعم أن من نفذها ليس النظام السوري، بل جماعات مسلحة من الأوزبك والشيشان والإيغور المنضوية تحت لواء ما يسمى بـ”المهاجرين” في إدلب!!. هذا الطرح يفتح الباب أمام تساؤلات عدة حول طبيعة الصراع السوري، ومسؤولية الأطراف المسؤولة عن الجرائم المرتكبة.
منذ بداية الصراع السوري عام 2011، تحولت البلاد إلى ساحة استقطاب للمقاتلين الأجانب، حيث تدفقت جماعات مسلحة من جنسيات مختلفة إلى إدلب وحلب ومناطق أخرى تحت ذريعة “نصرة الثورة”. ومع الوقت، أصبحت هذه الجماعات، ومنها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) التي يتزعمها أبو محمد الجولاني، أحد الفاعلين الرئيسيين على الأرض.
بغض النظر عن الجهة المسؤولة عن المجازر، فإن تبرير القتل وفقًا للانتماء الطائفي والمذهبي مرفوض تمامًا. وتصدير فكرة أن “المهاجرين” هم المسؤولون الحصريون عن الجرائم يُغفل حقيقة أن الجميع تورطوا في انتهاكات جسيمة خاصة في الساحل السوري.
ليس جديدًا على مشعان الجبوري أن يدلي بتصريحات طائفية مثيرة للجدل، فقد عُرف بمواقفه المتقلبة بين دعم النظام السابق ثم المعارضة السورية وليس اخيرا التقارب مع النظام. وفي كل مرة، يسعى إلى تبني موقف يُظهره على أنه “وسيط محايد”، بينما الواقع يُشير إلى تبريره جرائم طرف على حساب طرف آخر.
إن الحديث عن مسؤولية “المهاجرين” لا يُلغي حقيقة أن الجرائم الطائفية التي ارتكبت ضد العزل من الاطفال والنساء والشيوخ.
وقد أدانت المنظمات الانسانية الدولية ووثقت انتهاكات جسيمة نفذتها الجماعات المسلحة، ومنها “هيئة تحرير الشام”.
ان تبرير القتل، أياً كان الفاعل، يُعد شراكة ضمنية في الجريمة، وبدلاً من الدخول في لعبة التبريرات، ينبغي البحث عن مساءلة جميع المتورطين في دماء الابرياء سواء كانوا من المرتزقة الاجانب أو القوات النظامية،لضمان تحقيق العدالة الحقيقية للشعب السوري.
ان الحرب السورية كشفت الوجه القبيح للطائفية والتدخلات الخارجية، ولا يمكن إنصاف الضحايا عبر الاكتفاء بإلقاء اللوم على طرف واحد. المسؤولية مشتركة، والتاريخ لن يرحم من يبررون القتل أيًا كانت مبرراتهم.