جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف ما الذي يمنع إيران من تصنيع القنبلة الذرية؟!

ما الذي يمنع إيران من تصنيع القنبلة الذرية؟!

حجم الخط

 


ناجي الغزي/ كاتب سياسي ||


بعد أكثر من عشرين عاماً من التوترات، والعقوبات المتصاعدة، والمفاوضات المتقطعة، وصل البرنامج النووي الإيراني إلى مرحلة حرجة تحمل في طياتها احتمالات السلام أو الانفجار. وبينما تتابع العواصم العالمية الجولة الأولى من المباحثات الإيرانية الأمريكية التي انطلقت مؤخراً في مسقط، تقف طهران اليوم على أعتاب التحول إلى دولة نووية، أو على الأقل دولة “عتبة نووية” تمتلك المقومات كافة دون أن تعلن التصنيع الفعلي. وهنا يتجدد السؤال المحوري: هل باتت إيران قادرة فعلاً على صناعة القنبلة الذرية؟ وإذا كانت كذلك، فلماذا لم تفعل بعد؟

أولاً: الإنجازات النووية الإيرانية – تقدم هائل لا يمكن تجاهله

وفقًا لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران تمتلك الآن مخزوناً يقدر بـ 300 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60%، وهو ما يكفي نظرياً لإنتاج ما بين 6 إلى 7 قنابل ذرية. كما أن أجهزتها الحديثة من طراز IR-6 تتيح لها تخصيب اليورانيوم بسرعة مضاعفة، وبدقة أكبر، دون الاعتماد على أي تكنولوجيا مستوردة.

وقد أصبحت منشآت إيران النووية موزعة ومنيعة: من نطنز وفوردو، إلى أراك وأصفهان، مروراً بمواقع سرية مثل رمندي ولاشكر أباد، ومناجم اليورانيوم في صغند وزاريغان. هذه البنية التحتية المعقدة تجعل من ضرب البرنامج عسكرياً مهمة شبه مستحيلة، وتمنح طهران ورقة استراتيجية قوية على طاولة التفاوض.

ثانياً: الجولة الأولى في مسقط – مفاوضات غير مباشرة تكشف الكثير

الجولة الأولى من المباحثات التي عُقدت مؤخراً في العاصمة العمانية مسقط، لم تكن مفاوضات نووية بالمعنى الكامل، بل كانت محادثات جس نبض بين الطرفين، جرت بوساطة عمانية نشطة. ورغم التصعيد الإعلامي من جانب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي ادعى أن إيران طلبت مفاوضات مباشرة، إلا أن اللقاءات ظلت غير مباشرة، مما يعكس عمق انعدام الثقة بين الجانبين.

الفريق الإيراني جاء محمّلاً بوزن ثقيل من الدبلوماسيين والخبراء النوويين، بينما اكتفى الجانب الأميركي بإرسال مبعوث سياسي بلا خبرة تقنية كبيرة، مما يعزز الفرضية بأن واشنطن أرادت اختبار نوايا إيران، لا عقد صفقة فورية.

الملفت أن الجانبين اتفقا على استمرار اللقاءات في الأسبوع التالي، مما يدل على أن النبرة – وإن لم تكن تفاوضية بالكامل – حملت في طياتها قدراً من الإيجابية الدبلوماسية.

ثالثاً: لماذا لم تُصنع القنبلة بعد؟

رغم وجود المقومات الكاملة لصناعة السلاح النووي، لم تتخذ طهران بعد القرار الحاسم، ويعود ذلك إلى عدة أسباب معقدة ومتشابكة:

1. الورقة السياسية التفاوضية: إيران تستخدم قدراتها النووية كورقة مساومة، تضغط بها على الغرب لرفع العقوبات، دون تخطي الخط الأحمر الذي قد يشعل مواجهة عسكرية شاملة.

2. اهتزاز المظلة الردعية الإيرانية: الضربات الإسرائيلية الأخيرة، وتراجع فعالية الوكلاء الإقليميين (من حزب الله إلى الحوثيين)، أضعف الموقف الدفاعي لطهران، ما يجعلها أكثر حذراً في اتخاذ خطوات قد تُفسَّر كإعلان حرب.

3. الاعتبارات القانونية والدولية: إعلان تصنيع سلاح نووي يعني خرقاً صريحاً لمعاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، وقد يؤدي إلى شرعنة ضربة عسكرية دولية ضدها، ويضعف موقفها السياسي أمام العالم.

4. وعيها بردود الأفعال: طهران تدرك أن إسرائيل وأميركا تمتلكان أدوات تقنية (سيبرانية، استخباراتية، مغناطيسية) قادرة على تنفيذ عمليات دقيقة ضد منشآتها دون حرب تقليدية. ولذلك، فإن مجرد الإعلان قد يؤدي إلى ضربات استباقية.

رابعاً: إيران كدولة عتبة نووية

من الناحية الفنية، لم يعد السؤال هل تستطيع إيران صنع قنبلة نووية؟ بل “لماذا لم تصنعها حتى الآن؟”. تمتلك إيران اليوم يورانيوم عالي التخصيب بكميات كبيرة، وتقنيات التصنيع، ومعرفة علمية متقدمة. لكنها لم تُجرِ تجربة نووية، ولم تُعلن امتلاك سلاح، مما يعني أنها تراهن على الغموض البنّاء: امتلاك القدرة دون التصريح بالنية.

قنبلة غير مُعلنة – ومفاوضات متأرجحة

إيران اليوم أقرب من أي وقت مضى لصناعة السلاح النووي، لكنها تتريث في اتخاذ القرار. واللقاء الذي تم في مسقط لم يكن سوى جولة تمهيدية ضمن لعبة أكبر تديرها طهران وواشنطن على رقعة شطرنج إقليمية، تتداخل فيها ملفات غزة واليمن ولبنان، وتنعكس تداعياتها على الملف النووي مباشرة.

وما لم تُحدث المفاوضات اختراقاً جوهرياً، فإن احتمالين يلوحان في الأفق:

• إما تفاهم مرحلي يُبقي إيران على حافة القدرة النووية دون تصنيع.

• أو انهيار الردع، ودخول المنطقة في مواجهة قد تبدأ بضربة… وتنتهي بكارثة نووية.

ولكن، يبدو أن إيران تملك القنبلة… لكنها حتى اللحظة اختارت ألا تصنعها.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال