جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف المرحلة الثالثة من الرد هي المرعبة.. بوصلة المواقف..!

المرحلة الثالثة من الرد هي المرعبة.. بوصلة المواقف..!

حجم الخط

 


جليل هاشم البكاء ||

تتشكّل استراتيجية الردّ الإيراني على أي عدوان محتمل في ثلاث مراحل متتالية، تكمل كلّ منها ما سبقها وصولاً إلى الهدف الأساسي: زرع الخوف والإحباط في صفوف العدو وإجباره على التفكير جدّياً قبل الانخراط في أي مغامرة عسكرية. وبعد إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة في المرحلة الأولى، ثم شنّ هجمات مكثفة على أهداف عسكرية خلال المرحلة الثانية، تأتي المرحلة الثالثة لتكون الأكثر رعباً:

1. حرب نفسية طويلة الأمد

في هذه المرحلة، تقلّ وتيرة الضربات الصارمة مقابل إطلاق صواريخ فردية أو أعداد قليلة على نحو متفرّق ودون إنذار مسبق. الهدف ليس التدمير الشامل، بل انذار المدنيين وإرباكهم نفسياً؛ فكلّ صاروخ واحد يردّم الشعور بالأمان ويؤكّد أن السماء لا تخلو من خطر.

2. شلّ الحياة اليومية

بالتزامن مع القصف المتفرّق، يتمّ استهداف البنى التحتية الحيوية (المياه، الكهرباء، الاتصالات) بشكل دوري ومستمر. هنا يتقاطع التأثير العسكري مع النفسي: فالمستوطن الذي يجوع ويعطش، ويخشى الانقطاع المفاجئ للاتصال مع أحبّته، ستتراجع معنوياته ويجد نفسه مضطراً للابتعاد أو الهجرة.

3. هجرة الكفاءات والمستوطِنين

إنّ استهداف الروتين اليومي بعمليات متكررة وصغيرة القوّة يُؤدّي إلى تفتّت المجتمع المدني. فسيشعرون بأن مكانهم لم يعد آمناً، ولابد من مغادرة الأراضي المحتلّة كتكلفة اقل لضمان بقائهم.

4. استنزاف معنوي لا محدود

طالما ظلت صواريخ الشبح تفعل صفارات الانذار، وتهزّ أركان المنازل من حين إلى آخر، يبقى العدو في حالة من الترقّب المستمرّ. المشهد يتكرّر أسبوعاً بعد آخر، شهراً بعد شهر، دون معرفة موعد انتهاء الحملة النفسية. وهنا تكمن الرعب الحقيقي: لا توقّع ولا قدرة على استئناف الحياة الطبيعية.

5. ضغط على صنع القرار

ومع انسداد الخيارات أمام القيادة العسكرية والسياسية للعدو، يبدأ الشارع بالضغط على صانعي القرار لبلورات تسوية سريعة والقبول بشروط الوساطة. الهدف الاستراتيجي للردّ الإيراني لا يقتصر على الانتصار الميداني وحده، بل يمتدّ إلى إجبار الطرف الآخر على التراجع عبر إحداث نوع من الرعب والخوف الذي لا ينتهي.

في الختام، تشكّل المرحلة الثالثة من الردّ الإيراني أقسى أنواع الحرب النفسية، إذ تحوّل الصواريخ من أدوات تدمير إلى رسائل رعب صامتة، تبثّ القلق في الوجدان وتهدم التصميم على الصمود. إنها حرب الظلّ التي لا تعرف توقّفاً، وتُعدّ الأقسى على الإطلاق للمستوطِنين والقادة معاً.

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال