جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف إيران على مفترق الرد .. بين حكمة الصواريخ وخداع “السلام” الأمريكي

إيران على مفترق الرد .. بين حكمة الصواريخ وخداع “السلام” الأمريكي

حجم الخط

 


قراءة تحليلة / سمير السعد 

في خطوة أثارت صدمة سياسية وأمنية عارمة، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تنفيذ ضربات جوية استهدفت منشآت نووية إيرانية حساسة في فوردو ونطنز وأصفهان، بعد خروجه مباشرة من اجتماع رسمي مع الأمم المتحدة، ليختتم إعلانه الاستفزازي بجملة تحمل تناقضًا فجًا: “حان الآن موعد السلام”. فكيف يمكن للسلام أن يُولد من رحم الصواريخ؟!

هذه الضربات، رغم أنها لم تُحدث أضرارًا كارثية أو تسربًا إشعاعيًا واسعًا – بحسب ما نقلته مصادر داخل إيران – إلا أن دلالتها السياسية تتجاوز آثارها المادية. إنها ليست إلا امتدادًا لسياسة الغطرسة الأمريكية، وتحقيقًا لأجندة الكيان الصهيوني الذي لم يتوقف عن التحريض ضد طهران والضغط باتجاه عمل عسكري يعطل برنامجها النووي.

في طهران، لم يأتِ الرد متسرعًا أو عشوائيًا، بل جاء موزونًا وحازمًا. فقد صرّح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن لا ثقة لبلاده في الولايات المتحدة، مؤكدًا أن إيران ترفض الجلوس إلى طاولة التفاوض تحت وقع الصواريخ والتهديدات، وهو موقف يعكس ثباتًا استراتيجياً في وجه سياسة الابتزاز الأميركي الصهيوني.

وبين احتمالات التصعيد وخيارات الرد، تتجه الأنظار إلى طهران التي باتت تقف أمام مفترق طرق حساس. فالمتوقع – وفق قراءات المراقبين – أن تتجنب إيران توجيه ضربات مباشرة وعاجلة للقواعد الأمريكية في المنطقة، على الأقل في المرحلة الأولى، لإتاحة المجال أمام واشنطن للانكفاء وتجنّب الغرق في مواجهة شاملة، خاصة وأن الأضرار التي لحقت بالمنشآت الإيرانية توصف بأنها “طفيفة وقابلة للإصلاح”.

لكن بالمقابل، من غير المستبعد أن تختار طهران الردّ على الكيان المحتل بشكل مباشر وعنيف، عبر قصف مراكز حساسة أو منشآت استراتيجية كـمفاعل ديمونا، في رسالة مزدوجة: أولها لتأكيد أن الكيان هو المتسبب الحقيقي بالتصعيد، وثانيها لإعادة فرض معادلة الردع في المنطقة. وقد يشمل الرد أيضًا، في حال اتساع رقعة التصعيد، إغلاق مضيق هرمز – أحد أهم شرايين الطاقة العالمية – مع تنسيق ميداني مع الحلفاء في اليمن لإغلاق مضيق باب المندب، في خطوة من شأنها شلّ الحركة الملاحية العالمية وفرض معادلات جديدة.

كذلك لا يُستبعد أن تُقدم إيران على توجيه ضربة صاروخية محدودة لقواعد أمريكية منتخبة، على غرار قصف قاعدة “عين الأسد” في العراق او مواقع أخرى في دول الخليج وهو سيناريو يحقق توازنًا رمزياً في الرد دون الانزلاق إلى حرب شاملة. في هذا السياق، يُتوقع أن تترافق أي ضربة إيرانية محتملة مع هجوم صاروخي مزدوج على مواقع داخل الكيان الصهيوني.

وفي موازاة هذه الخيارات العسكرية، يُرجَّح أن تتجه إيران إلى خطوات دبلوماسية فاعلة، من خلال التوجه إلى مجلس الأمن لإدانة الاعتداء الأمريكي، وفضح خرق واشنطن الصريح للقوانين الدولية، في وقت بدأت فيه بالفعل تحركات أوروبية غير رسمية لطرح مبادرات لاحتواء الأزمة قبل أن تنفلت الأمور نحو حرب شاملة.

ما يمكن الجزم به في هذه المرحلة، هو أن إيران لن تلتزم الصمت، ولن تتراجع أمام الضغوط، بل سترد – عاجلاً أو آجلاً – بما يعيد فرض توازن الردع. أما الولايات المتحدة، التي تتبنى سياسة “السلام بالقوة”، فقد كشفت مرة أخرى عن وجهها الحقيقي ،  وجه الهيمنة والعنف والاستعراض، في حين يظل الكيان الصهيوني هو المستفيد الأول من إشعال هذه الحرائق.

إن ما يحدث ليس مجرد مواجهة بين دولتين، بل صراع أوسع بين مشروع مقاومة يسعى لاستعادة الكرامة والسيادة، وبين منظومة استكبارية تستمر في فرض إرادتها على شعوب المنطقة بقوة السلاح والتحريض. وفي هذا الصراع، تقف إيران بصلابة في محور الحق، مدعومة من شعوب المنطقة الحرة، ومسلّحة بإرادة لا تعرف الانكسار.

الشرق الأوسط يشتعل، و”السلام” الذي بشّر به ترامب يبدو اليوم أكثر بُعدًا من أي وقت مضى.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال