جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف إيران وقواعد الاشتباك الجديدة من الردع بالوكالة إلى الهجوم المُركز..!

إيران وقواعد الاشتباك الجديدة من الردع بالوكالة إلى الهجوم المُركز..!

حجم الخط

 

طه حسن الأركوازي 

 في ظل التصعيد المُتسارع بين إيران وإسرائيل ، وأشتداد الضربات المتبادلة ، يعاد طرح سؤال محوري ، هو هل نشهد تغيراً في قواعد الاشتباك الإقليمي .؟

وهل ما تقوم به إيران اليوم هو رد فعل أم تفعيل لمشروع أستراتيجي أعمق .؟

هذا المقال يقدم قراءة تحليلية للمشروع الإيراني من زاوية نظرية “أم القرى”، وتحول أدوات طهران من الثورة إلى الدولة ، ومن الشعارات إلى الفعل المباشر .

أولاً : من الثورة إلى الدولة تبدل الأدوات وثبات المشروع .؟

منذُ أنتصار الثورة الإسلامية عام 1979 ، تبنت إيران أستراتيجية “تصدير الثورة” عبر شعارات راديكالية مثل “الموت لأمريكا” و”لا شرقية ولا غربية”، لكنها سرعان ما دخلت في مرحلة جديدة بعد حربها الطويلة مع العراق ، تمثلت بالأنتقال من المواجهة المباشرة إلى التمدد غير المباشر عبر الوكلاء .

ففي ظل عجز عربي وأنكفاء أمريكي نسبي ، تموضعت إيران كقوة إقليمية فاعلة تُعيد تشكيل نفوذها السياسي والعسكري بطريقة لا تعتمد على الجيوش ، بل على الشبكات : فصائل عقائدية ، مؤسسات دينية ، نفوذ داخل الحكومات ، وإعلام عقائدي مُكثف .؟

ثانياً : قواعد أشتباك جديدة بعقيدة قديمة .؟

جاء التحول في الأدوات منسجماً مع بنية نظرية “أم القرى” التي صاغها محمد جواد لاريجاني ، والتي تنص على أن إيران وبالخصوص مدينة “قم”، تمثل مركز العالم الإسلامي ، وأن ولاية الفقيه تمتلك شرعية القيادة الروحية والسياسية لجميع المسلمين وليس فقط الشيعة .؟

وبموجب هذه النظرية ، يُعتبر أي تهديد داخلي أو خارجي للنظام الإيراني تهديداً للإسلام ذاته ، ما يبرر التدخل في شؤون الدول الأخرى ليس بدافع قومي أو أمني ، بل بأعتباره واجباً شرعياً لحماية الأمة .

ثالثاً : التصعيد الأخير من الرمز إلى الرد .؟

في الآونة الأخيرة ، تجاوزت إيران نمط “الصبر الاستراتيجي” بعد أن تلقت ضربات إسرائيلية مركزة داخل أراضيها ، أستهدفت منشآت نووية وشخصيات محورية في القيادة الأيرانية .

وجاء الرد الإيراني مُختلفاً هذه المرة حيثُ كانت : ( مُنظمة ، مُباشرة ، وتحتوي على رسائل مزدوجة إلى الداخل الإيراني لإثبات الهيبة ، وإلى الخارج لرسم خطوط حمراء جديدة ) .؟

كما تحركت الأذرع الإيرانية ، من الحوثيين إلى فصائل عراقية ولبنانية ، في عمليات نوعية تستهدف مصالح إسرائيلية وأمريكية ، ما يشير إلى إعادة ضبط قواعد الاشتباك الإقليمي لصالح إيران أو على الأقل لتثبيت معادلة “الرد بالرد”.

رابعاً : العراق بين ساحة الاشتباك ومسرح التصعيد .؟

يبدو العراق اليوم الحلقة الأكثر هشاشة في هذا التصعيد فمن جهة ، تنطلق من أراضيه هجمات ضد مصالح أمريكية وإسرائيلية يُعتقد أن فصائل مقربة من طهران تُنفذها ، ومن جهة أخرى لا تمتلك الحكومة أدوات الردع أو الضبط ، وتخشى أنفجار المشهد الأمني .

وإذا لم يُعيد العراق تموضعه خارج خطوط الاشتباك الإقليمي ، فإن بقاءه على الهامش السياسي سيجعله في قلب العاصفة من دون أن يملك خيار الحرب أو السلام .؟

خامساً : ميزان القوة هل تمتلك إيران أدوات تُغير المعادلة .؟

رغم محدودية الاقتصاد الإيراني وحجم العقوبات ، تمتلك طهران ترسانة متنوعة تسمح لها بتفعيل نفوذها دون خوض حرب شاملة :

1• صواريخ باليستية (سجيل ، عماد ، خرمشهر، خيبر ) .

2• طائرات مسيّرة هجومية (شاهد 136 ، أبابيل) .

3• أنظمة دفاع جوي محلية (باور-373 ، خرداد-3) .

4• أجهزة أمنية وأستخبارية عابرة للحدود .

5• برنامج نووي قابل للتسريع .

لكن تبقى الفجوة التقنية والعسكرية بين إيران والدول الكبرى قائمة لا سيما في مجال الطيران ، الأقمار الصناعية ، والتكنولوجيا القتالية المتقدمة ، لكن الأهم هو أن ما تمتلكه إيران فعلياً هو الجرأة على أستخدام أدواتها خارج الحدود ، حيث تتردد دول أخرى .

سادساً : بين المركز العقائدي وساحات الاشتباك .؟

ليست إيران مجرد دولة تسعى لتوسيع نفوذها عبر أدوات تقليدية ، بل مشروع أيديولوجي يرى في نفسه “مركز القرار الإسلامي”، وفق ما تطرحه نظرية “أم القرى” التي تعتبر أن بقاء النظام الإيراني هو شرط لبقاء الإسلام ، وأن الدفاع عن هذا الكيان يتعدى حدود الجغرافيا إلى كُل ساحة يمكن التأثير فيها .

فبهذه الرؤية ، يصبح التمدد الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن ليس فعلاً عدوانياً بالمعنى العسكري المباشر ، بل أمتداداً لرسالة مركزية تدعي تمثيل الأمة كلها ، ومع تصاعد الاشتباك مع إسرائيل وتطور أدوات إيران القتالية ، تتغير قواعد اللعبة ، ليس لصالح التهدئة ، بل لصالح تحقيق الردع من خارج الحدود .

أما الدول العربية فمأزقها لا يقتصر على غياب الرد ، بل في أفتقادها لرؤية مقابلة ، وإطار سياسي وأمني يمنع تحوّل أراضيها إلى جبهات لتصفية الحسابات .

إن فهم “أم القرى” ليس ترفاً فكرياً ، بل ضرورة أستراتيجية لفهم طبيعة الصراع ، وأساس مهم لأي مشروع توازن جديد في المشرق العربي .

سابعاً : ما بعد الضربة رسم معادلة ردع جديدة .؟

تُظهر التطورات الأخيرة أن إيران لم تعد تكتفي بخطاباتها التقليدية أو أدواتها غير المباشرة ، بل دخلت مرحلة الهجوم المُنظم المحسوب عبر ضربات دقيقة ومُركزه تم تنفيذها سواء مباشرة أو بواسطة أذرعها في اليمن والعراق ولبنان ، هذه الضربات لم تكن فقط للردع ، بل لإيصال رسالة أستراتيجية مفادها أن طهران قادرة على تجاوز الخطوط الحمراء ، والتأثير في معادلات الصراع خارج حدودها .

اليوم وبعد الضربات الموجعة والمركزة ، إيران أثبتت أن قواعد الاشتباك في المنطقة تشهد تحوّلاً نوعياً ، لا لأن إيران باتت أقوى تقنياً من خصومها ، بل لأنها أظهرت أستعداداً للمخاطرة والتصعيد حينما ظنّ خصومها والعالم أنها عاجزة أو محاصرة مُنذ اكثر من 40 عام هذه الجرأة هي التي أربكت خصومها ، وأجبرتهم على إعادة حساباتهم …! فقد

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال