جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف من تغطّى بأمريكا… عريان!

من تغطّى بأمريكا… عريان!

حجم الخط

 


المهندس علي جبار

 في عرف السياسة الواقعية، لا مكان للدفء الدائم، ولا وجود لغطاء يحميك من المطر ما لم يكن نسيجه من صنع يديك. أما ذلك الغطاء الأميركي الذي يُروَّج له على أنه حامٍ للحلفاء وضامنٌ للاستقرار، فسرعان ما يُكتشف أنه وهمٌ من قماش الغدر، لا يقي برد المصالح، ولا يمنع طعنات الخيانة.

وقد صدق من قال: “من تغطّى بأمريكا… عريان”.

■ الشاه… نهاية مُترفة بالخديعة

كان محمد رضا بهلوي، شاه إيران، تلميذ واشنطن المدلل. أنفقت عليه أمريكا مليارات الدولارات في التسليح، واعتبرته حاجزًا ضد “الخطر السوفييتي” آنذاك. لكن حين تصاعدت موجات الثورة عام 1979، اختفت البوارج الأمريكية من الخليج، وانسحب الدعم، وتُرك الرجل يتوسل اللجوء كلاجئ سياسي منفى إلى منفى… حتى موته غريبًا عن تراب وطنه.

■ مبارك… ثلاثون عامًا من الخدمة تُمحى بثلاثين ثانية

حسني مبارك، الذي قدّم خدمات سياسية واستراتيجية لأمريكا تفوق ما قدّمه أي زعيم عربي في التاريخ الحديث، وجد نفسه ذات ليلة مُدانًا على شاشات CNN وFox News كمستبدّ يجب إسقاطه. من قادوا الاتفاقيات والسلامات والمصالحات، تخلوا عنه كأنهم لم يعرفوه، وتُرك يُحاكَم في بلده وسط الحشود الغاضبة.

■ الأكراد… من الحليف إلى ضحية الصفقة

الأكراد في سوريا والعراق، ربما كانوا من أكثر المجموعات التي أعطت ظهرها للشرق ووضعت قلبها في واشنطن. قاتلوا داعش بشراسة، سلّحتهم أمريكا ودعمتهم استخباريًا. لكن عام 2019، وفي مكالمة هاتفية واحدة، قررت واشنطن أن تسحب جنودها من شمال سوريا، وتُهدي الطريق للمدافع التركية كي تسحق حلفاءها بالأمس.

أي تحالف هذا الذي يُختصر بـ “غرين لايت” من ترامب؟

■ أفغانستان… حكومة على مقاعد الإنعاش الأمريكي

أمريكا دخلت أفغانستان بزعم إسقاط الإرهاب، وأقامت هناك حكومات عميلة، بُنِيَت على أموال واشنطن لا على شرعية الداخل. لكن حين اتخذت أمريكا قرارها بالرحيل، انهارت المنظومة خلال ساعات، لا أيام. فرت النخب، وانطفأ وهج الحداثة المصطنعة، وعادت طالبان تمشي بثقة في قصور كابول.

■ العراق اليوم… أين هو من كل هذا؟

من المؤلم أن نرى النخبة السياسية العراقية تكرر ذات الحماقات، دون أن تتعلم من دماء غيرها. فمن يعقد مصير بلاده على إرادة واشنطن، لا يختلف كثيرًا عمّن ينام في الصحراء معتقدًا أن ضوء القمر غطاء دافئ.

لقد أسس العراق بعد 2003 نظامًا سياسيًا هشًا، يقف على عكازات السفارة الأمريكية نهارًا، ويتخبط في تبعيته لإيران ليلًا. لكن أمريكا، مثلما تخلت عن الشاه وغني ومبارك، لن تتردد لحظة في بيع العراق في بازار الصفقات الإقليمية متى ما اقتضت مصالحها.

وها نحن نرى من ادعى الشراكة مع الأمريكان، يستخدم الغطاء الأميركي لتصفية شعبه، ويذبح المكونات الضعيفة بحجة السيادة، فيما الأمريكان يراقبون من بعيد… بصمت المصلحة، لا صوت الأخلاق.

■ الخلاصة:

الذي يراهن على أمريكا وحدها، كمن يستظل بسقفٍ من دخان، أو يستتر بعريٍ مغلّفٍ بالوهم.

“من تغطى بأمريكا عريان” ليست مقولة شعبية، بل تشخيصٌ دقيق للعبة السياسة الدولية:

• أمريكا لا تحب، بل تحسب.

• لا تساند، بل تساوم.

• لا تحمي، بل تستثمر.

فابن وطنك، يا من توهمت القوة في ظل العم سام… لن يحميك إلا شعبك، ولن يصون سيادتك إلا مشروعك الوطني، لا غرفة عمليات في واشنطن ولا رسائل شكر من البنتاغون.

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال