جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف نحن على الحق ما دمنا مع الله ورسوله.

نحن على الحق ما دمنا مع الله ورسوله.

حجم الخط

 


علي الحاج


من أعظم دروس كربلاء التي استلهمها المسلمون عبر العصور، هو درس الثبات على الحق مهما كانت التضحيات، يروي سماحة الشيخ قيس الخزعلي موقفا خالدا لعلي الأكبر "عليه السلام" حينما سأل أباه الإمام الحسين عليه السلام: "أولسنا على الحق؟"،فلما أجابه والده: "بلى"، قال بثبات: "إذا لا نبالي أن نموت محقين"، هذا السؤال البسيط يكشف عن جوهر العقيدة الحسينية، حيث يكون معيار الصواب ليس في النتائج أو المكاسب، بل في الالتزام بالحق.

الشيخ الخزعلي يرى أن هذا الموقف يجب أن يكون بوصلة لكل إنسان، ولكل جماعة، ولكل أمة، أن يكون الإنسان متيقنا أنه على الحق، هو أعظم ما يمكن أن يمتلكه، فالمعركة بين الحق والباطل مستمرة، من أول صراع بشري بين قابيل وهابيل، إلى معركة الحسين ويزيد، وصولًا إلى يومنا هذا، وكل زمان له يزيده، وله حسينه، وعلى الناس أن يحددوا موقعهم من هذا الصراع.

الحق ليس أمرا غامضا، بل له ملامح واضحة، مصدرها القرآن الكريم، وسيرة النبي الأكرم وأهل بيته عليهم السلام، من هنا، فإن اتباع الحق لا يمكن أن يكون بالهوى أو المجاملة، بل بالبصيرة والالتزام والصدق مع النفس، وعندما تختلط الأمور، يكون المقياس هو العودة إلى الثوابت الدينية، لا الأشخاص ولا العناوين.

الثبات على الموقف الحق يتطلب وعيا متجددا وشجاعة مستمرة، فليس من السهل أن يقف الإنسان في وجه التيار العام عندما يكون متمسكا بموقف مبدئي، وهنا تأتي أهمية بناء هذا الوعي في المجتمعات، وتربية الأجيال على معرفة الحق قبل معرفة الأشخاص، وعلى محبة المبادئ قبل محبة الأسماء. لأن الكثير من الانحرافات تبدأ حين يتحول الولاء من المبدأ إلى الفرد، وحين يُتبع الهوى بدل البصيرة.

إن علي الأكبر،  لم يسأل عن عدد العدو، أو عن احتمالية النصر، بل سأل عن الحق، وهذه القاعدة يجب أن تكون قاعدة كل مقاوم وكل مؤمن وكل حر، لأن من يكون مع الله، يكون الله معه، ومن كان الله معه فلن يضره من خذله أو من خالفه، هذه الروح الإيمانية النقية هي ما يحفظ المجتمعات من الذوبان في باطل المرحلة، ومن الانجرار خلف المظاهر دون الجوهر.

كربلاء لم تكن فقط واقعة تاريخية، بل هي معيار مستمر يختبر فيه الناس مواقفهم على مر الزمان، فكما كان الإمام الحسين "عليه السلام" ممثلا للحق الكامل، كذلك اليوم هناك معسكرات تمثل الحق وأخرى تمثل الباطل، وعلى الإنسان أن يختار بوعي وبصيرة.

وهكذا يوجهنا الخط الحسيني إلى أن معيار النجاة في الدنيا والآخرة هو الحق، والتمسك به، والثبات عليه، مهما كانت الكلفة، فالدماء الزكية التي سفكت في كربلاء كانت إعلانا أبديابأن الحق لا يقاس بالعدد، ولا يهزم بالقوة، وإنما ينتصر بالثبات والإخلاص، وباليقين بأن الله لا يضيع أجر المحسنين.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال