جليل هاشم البكاء ||
كانت السماء فوق صحراء مأرب مظلمة، لا نجوم فيها سوى ما عكسه بريق الصواريخ القديمة على الرمال.
في مخزن قريب من وادي خيران، جلس مهندسون شباب حول طائرة صغيرة لكنها قاتلة، اسمها صماد 3.
كانت شبيهة بالطائرة الصغيرة، لكن عيونها الإلكترونية تخترق الليل، وأجنحتها قادرة على التحليق بسرعة مدهشة، صامتة كظلال الغروب.
قال أحد المهندسين وهو يثبت محرك الطائرة: هذه ليست مجرد طائرة… إنها جناح اليمن الذي سيحلق فوق المدن الغنية ويُرعبها.
حين أُطلقت صماد 3 في سماء الليل، بدا وكأنها سهم يمر بين النجوم.
لم يكن هناك صوت سوى همهمة خافتة، ثم بدأت الرسائل على شاشات الرادار تتوهج: تحركات الطائرات التجارية توقفت، المطارات تتجمد، وأجهزة الدفاع الجوي في أبوظبي ودبي تبحث عنها عبثًا.
الطائرة، مزودة بكاميرات حية وصواريخ صغيرة، وصلت إلى قلب المطار، رصدت الطائرات المصفوفة، وحركتها تصنع رعبًا لم يشهده الحراس من قبل.
صوت الإنذار دوّى في غرف المراقبة، والموظفون يركضون، والطائرات تنتظر إشارة هبوط غير موجودة.
لم تكن هناك خسائر بشرية في البداية، لكن الصدمة النفسية كانت أقوى من أي انفجار.
في صنعاء، وقف مهندسون شباب يراقبون الشاشة الكبيرة، يبتسمون بصمت.
واحدة تلو الأخرى، كانت صماد 3 تصل إلى أهدافها، تُظهر للعدو أن السماء لم تعد ملكه وحده.
قال قائد العمليات مبتسمًا:
من الآن فصاعدًا … كل مطار خليجي سيعرف أن اليمني لا يخاف.
وفي الأيام التالية، ظهرت تقارير سرية للأمريكيين:
تلك الطائرات المسيرة الصغيرة … يمكنها الوصول إلى قلب أبوظبي، وكل صماد يُطلق يغيّر قواعد اللعبة.
صمتهم كان خوفًا خالصًا.
اليمن لم يعد محاصرًا في الأرض فقط، بل أصبح يسيطر على الجو، كأن جناحه يمتد من جباله إلى سماء الخليج.
وفي نهاية الليل، انطلقت الطائرة الأخيرة، وارتفعت فوق بحر العرب، تحمل اسمًا جديدًا على الشاشات: أمواج باب المندب.
وهناك، في المضيق الاستراتيجي، سيبدأ الفصل التالي من ملحمة اليمن البحرية، حيث الغارات تتحول إلى تحذيرات، والموانئ إلى ساحات مفاجآت.