عدنان فرج الساعدي
يُعَدّ الشيخ قيس الخزعلي، الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، واحدًا من أبرز القادة السياسيين والدينيين في العراق المعاصر، وركنًا أساسياً في الإطار التنسيقي الذي يقود المشهد الشيعي اليوم.
ما يميّز الخزعلي عن بقية القادة أنه لم يظهر بصورة الشيخ التقليدي المنغلق على ذاته، بل قدّم نفسه بصفته قائدًا برؤية شبابية، قريبًا من الجيل الجديد الذي يشكل القاعدة الأوسع لأعضاء حركته.
حضور داخلي لا يغادر العراق
على خلاف العديد من القادة الذين عاشوا فترات طويلة في المنفى، لم يعرف الخزعلي سوى العراق وطنًا وميدانًا. فقد عايش كل المراحل التي مرّ بها البلد منذ سقوط النظام البعثي وحتى اليوم، وبقي في الداخل بين جمهوره وقاعدته الشعبية، ما منح خطابه السياسي والوطني صدقية ميدانية عززت موقعه في الوعي الجمعي للشارع العراقي.
رؤية وسطية
سياسيًا، يتبنى الخزعلي خطابًا وسطيًا يجمع بين ثوابت المقاومة والتزامات الدولة، وبين الدفاع عن الهوية الوطنية وضرورة الانفتاح على محيط العراق الإقليمي. هذا التوازن جعله يحظى بقبول مختلف الأطراف داخل الساحة الشيعية، وفي الوقت نفسه جعله محطّ اهتمام القوى الأخرى التي تبحث عن شريك سياسي لا يميل إلى التشدد المطلق ولا إلى الانفتاح غير المنضبط.
تشرين 2019.. لحظة الحقيقة
تاريخيًا، ستبقى أحداث تشرين 2019 محطة فارقة في إبراز شخصية الشيخ الخزعلي. ففي الوقت الذي انكفأ فيه كثير من القادة أو غابوا عن المشهد، ظهر الخزعلي بخطاب واضح وحازم، واضعًا “النقاط على الحروف”، ومحددًا الموقف من الفوضى التي حاولت أطراف داخلية وخارجية توظيفها لضرب الدولة والنظام السياسي. هذا الحضور القوي في لحظة حرجة أكسبه احترامًا لدى أنصاره، ورسّخ صورته كقائد لا يتوارى في الأزمات.
قيادة ضمن الإطار التنسيقي
اليوم، يُنظر إلى الشيخ قيس الخزعلي كأحد أعمدة الإطار التنسيقي وأبرز صانعي قراراته. فهو لا يقتصر على تمثيل “عصائب أهل الحق”، بل بات يشكل حلقة وصل بين مكونات الإطار، ويمثل صوتًا وازنًا في النقاشات المتعلقة بمستقبل النظام السياسي، والوجود الأجنبي، والتوازن بين الدولة والمقاومة.
خلاصة
يمكن القول إن شخصية الشيخ قيس الخزعلي تمثل نموذجًا فريدًا لقيادة دينية ـ سياسية جمعت بين الروح الشبابية والالتزام العقائدي، وبين الوضوح السياسي والمرونة الوسطية. وما زال حضوره المتنامي داخل الإطار التنسيقي وفي الشارع العراقي، يؤكد أنه لاعب رئيسي في صناعة مستقبل العراق السياسي والأمني