ياسر الربيعي ||
قصة الحق والباطل من اقدم القصص وأعمقها دلالة وتورية وإتجاه، وهي قصة تتلبد بمفازات الكون كله، فيتحول الحق باطلا والباطل حقا تبعا للأشخاص والمواقف والمداليل..
صحيح أن الإسلام حسم كل شيء في هذه القصة القديمة المعقدة، وانزلها منازلها التي تستحقها، لكن هذه المنازل والمداليل تتعرض لأهوائنا اولا، ولمصالح ورغبات الآخرين ثانيا، ولفسلجة عقلية كيميادي ثالثا، فترتبك القصص وتحتجب الرموز، وتستحيل الى امنيات في نهاية المطاف..
لكن ثمة خلاصات في عقول المتبصرين تجد بيان الحق، ومعناه، وعلامات الحق، وكيف يُعرف، وأماراته، وصفاته، وكذلك صفات أهله.
هذه الخلاصات أتكشف لنا، الى أن نعلم أن أعظم النعم والمنن التي ينعم الله تعالى بها على من يشاء من عباده، التميز بين الحق والباطل، وبين أهل الحق، وأهل الباطل، وضبط ما يخالف الحق، وما يوافقه.
أن من أعظم السُبل الشرعية للتميز بين الحق والباطل، تعلم القواعد الشرعية، والضوابط التأصيلية، التي يمكن بها هذا التمييز، والتي يُعرف بها الحق، ولا يلتبس، فيميز المسلم بها بين الحق والباطل في مسائل الاعتقاد والعمل، والأخلاق، والسلوك، والعبادة.
وبوجهٍ عام، فإن من أهم الوسائل العلم عموماً: القواعد المنضبطة، القائمة على التأصيل، والتمثيل، والتدليل، وهناك قواعد كثيرة يُتوصل بها إلى معرفة الحق، واجتناب الباطل هي بمثابة منارات، وخصوصا عند طالب العلم.
هذه التفصيلات أوضح بعضا مما عانيناها الشيخ قيس الخزعلي، في مقاربة مهمة في اوائل محرم الحرام هذه السنة، لخص فيها ما يحيط بقصة الحق من غمام وتلويث، وكشف عن المعادن الجلية لإستمرار كفاحنا من أجل الحق.
الحق هو الخلاصة الأفضل للبشر، بدلا من السير المتعرج بين الحق وما هو ضده، وما هو ضد الحق يعني ان يكون مضادا لسليقة السير نحو النهايات الطبيعية الوسطية، وهنا يتسائل الشيخ الخزعلي اعزه الله تعالى بسؤال.. كيف نستطيع أن نميز الحق عن الباطل؟
ويأتي الجوب من عنده هو ايضا: هناك طريقين.
الطريق الأول هو القرءان، كتاب الله الذي أنزله الله سبحانه وتعالى هداية للناس. وهذا كتاب الهداية أوضح طريق للحق من خلال المبادئ. فالتوحيد حق والنبوة حق والإمامة والجهاد في سبيل الله والدفاع عن المستضعفين ونصرة أخيك المؤمن هو الحق.
والباطل هو عكس ذلك. الشرك باطل وإنكار الرسالة باطل وإنكار الولاية باطل ولا يكون لك شأن بأخيك هو باطل.. إذا عندما يأتي أشخاص وينَظرون ويقولون: نحن لا علاقة لنا بالأخرين، لسنا معنيين بالأخرين، نحن علينا بأنفسنا ويستخدمون نظرية النئي بالنفس، هذا النئي النفس ليس قرآني. القرءان الكريم صريح بذلك.
(وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) التوبة)، أوضح من ذلك. كذلك الله سبحانه وتعالى يقول. (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75) النساء)، يعني إذا كان هناك ظلم على مستضعفين فما لكم لا تقاتلون في سبيل الله، إذا نظرية النئي بالنفس هذه تشويه للحقائق وهذا باطل. وهذه هي الشعارات الزائفة والمضللة التي نبهت منها المرجعية الدينية في خطبتها الأخيرة.
وعلى نفس المقاس السليم يرى سماحة الشيخ الخزعلي موفقا: (أن العراق ليس بمنأى عما يحدث في المنطقة) إذن لا مجال للنئي بالنفس، لأن كل ما يجري هو مترابط والهدف واحد.
بل قالت (أن على المعنيين أو على أولي الشأن أن يهتموا بالعراق وأن يهتموا بالمنطقة)إذا القرءان هو الدليل. القرءان هو الهادي لمعرفة الحق. وكذلك الطريق الثاني هم أهل البيت عليهم السلام. وكما قلنا أن المعصوم فقط. هو الذي يمثل الحق أما ما عداه هذا ممكن أن يعبر عن رأيه الشخصي .