علي الحاج
في قلب محاضرته، يستدعي الشيخ قيس الخزعلي ملحمة الامام الحسين "عليه السلام" بوصفها الانموذج الاعلى لمعركة الحق والباطل، ويؤكد ان هذه المعركة لم تنته في كربلاء، بل لا تزال مستمرة، وان كل مواجهة بين المظلوم والظالم، بين الاصلاح والفساد، بين المقاومة والطغيان، هي امتداد حي لذلك الموقف الحسيني الخالد.
ينطلق سماحة الشيخ من نقطة مركزية وهي ان الامام الحسين لم يكن عدوا ليزيد فقط، بل كان خصما لكل مشروع الباطل الممتد منذ ابليس إلى الطغاة المعاصرين، ولذلك، فان من يعادي الحسين، انما يعادي مشروع الله في الأرض، ويقف في المعسكر المقابل لمعسكر الانبياء والائمة والاولياء.
ويستشهد بكلمات السيدة زينب "عليها السلام" حين خاطبت يزيد قائلة: "فوالله لن تمحو ذكرنا"، ليؤكد ان الانتصار لا يقاس بميزان المعارك العسكرية، بل بميزان تحقيق الاهداف. فهل استطاع يزيد ومن خلفه ان يدفنوا المشروع الحسيني؟ الجواب واضح: كلا.
ووجود هذه المجالس، وملايين الزائرين، واستمرار النهضة، دليل ساطع على ان منهج الحسين باق، وان مشروعه في مواجهة الباطل مستمر.
ثم يربط الشيخ هذا المنهج بزمننا الحاضر، فيقول إن معسكر الحق اليوم هو كل من يحمل فكر الحسين، ويجسد مشروعه في الاصلاح والامر بالمعروف والدفاع عن المستضعفين، وان من يسير على درب الحسين في زمننا هو من يقف بوجه الصهيونية، والاستكبار، والظلم العالمي.
ويشير الى موقف المرجعية الدينية في خطبة الاول من محرم، حين اكدت ان ما يجري اليوم هو امتداد لصراع الحق والباطل، وان هناك منهجين، منهج الحسين: الاصلاح، المبادئ، الدفاع، التضحية، ومنهج يزيد: الظلم، الفساد، التعدي، الانحراف.
بهذا التقسيم الواضح، يرفض الشيخ فكرة "الحياد"، ويعتبرها خيانة للموقف الحسيني، مؤكدا ان الزمن تجاوز مرحلة الرماديات، وكل فرد صار عليه ان يختار معسكره.
فاما ان يقف مع الحسين، او يجد نفسه "شاء ام ابى" في معسكر يزيد، ويطرح سؤالا حاسما، هل نحن من نعادي الاخرين؟ ام انهم من يعادوننا؟، ويجيب مستشهدا بالقرآن: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا).
ويتابع، المسلمون وأتباع أهل البيت لم يبدؤوا عداء قط، بل هم أصحاب أخلاق ورحمة وإنسانية، ولكنهم يقاتلون إذا اعتدي عليهم، ويدافعون إذا استهدفوا.
ثم يؤكد أن الحسين كان عنوانا للثبات، والصبر، واليقين، وأن من يريد أن يكون في معسكر الحق في هذا الزمن، فعليه أن يتبنى المنهج الحسيني بكل تفاصيله، لا بالشعارات فقط.
الشيخ الخزعلي لا يستحضر الحسين كتاريخ، بل كراية، وكدستور عملي للصراع الممتد من كربلاء إلى غزة، ومن عاشوراء إلى فلسطين، ومن الطف إلى كل ميدان فيه مستضعف يظلم، أو حق يستباح.