جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف زوار الحسين (ع) .. زوار عرش الله..!

زوار الحسين (ع) .. زوار عرش الله..!

حجم الخط

 


اكرم كامل الخفاجي ||


 الحمد لله رب العالمين .. اللهم صلِّ على محمد وآل محمد .

روي عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال : (من زار الحسين (ع) عارفاً بحقه فكأنّما زار الله في عرشه) .

عندئذٍ شعرت أن أنفاسي تتقطع عَبرة على أبي الأحرار .. ثم لم أستطع إلا أن جرت دموعي بهجة بهذا المسير إلى عرش الله .. أليس أنا من الذين شرفهم الحسين (ع) بالدخول إلى ذلك العرش المقدس ، من جراء هذه الخطوات التي تحملني إلى مكان العشق الإلهي .. فمن مثلي بهذه المزية ، وبمراسيم هذه الزيارة ؟.

والسؤال : ما معنى المعرفة هنا حيث تكون للزائر هذه الدرجة الرفيعة ؟

والجواب : المعرفة من العرفان في مقابل العلم .. فإن العلم عبارة عن إدراك الكليّات ، والمعرفة عبارة عن إدراك الجزئيّات ، ولهذا يقال : كلُّ عالم عارف وليس كلُّ عارف عالم ، فالعلم يهتم بالكليّات ، والمعرفة تهتم بالجزئيّات ، فيُطلق على الله تعالى عالم ولا يطلق عليه عارف لأن المعرفة أخصّ من العلم ، فالعلم إحاطة بالكليّات والجزئيّات ، والله تعالى محيط بالكليات والجزئيّات ، فيطلق عليه عالم ولا يطلق عليه عارف .

فالحسين (ع) هو الوجود من أجل الخلود .. وهو ذكرٌ لا متناهٍ ، فيا ترى كيف نُحيط به وصفاَ وهو لا متناهي الذكر والعبرة .

وأسأل نفسي : ماذا تعني عندي زيارة الحسين (ع) المسماة بزيارة الأربعين ؟

يبدو أن هناك مفاصلتين تربطنا بزيارة الأربعين :

المفاصلة الأولى : سمعت نداء إحدى الفتيات من اللواتي يخدمن في أحد المواكب الحسينية ، وهي تقدم لي قدح ماء بارد فلما أخذته منها شكرتها قائلاً : رحم الله والديكِ .. فردّت قائلة : ووالديك ! لا تنسونا بالدعاء إذا ذهبتم الى الجنة ! .

استغربتُ منها هذا الكلام ، ولكنها إستدركت موضحة : لا تستغرب فأنت ذاهب إلى الحسين والحسين هو الجنة ! .

والمفاصلة الثانية هي قول أمير المؤمنين (ع) : (إن الله إطلع إلى الأرض وإختار لنا شيعة يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا فأولئك منا وإلينا) .

ويقيناً أن الخدمة الحسينية بأي نوع من الأنواع أو بأية وسيلة من الوسائل لابد أن تصب في اهتمامات الحسين (ع) ، من أجل الوصول إلى كلمة المعصوم (رضا الله رضانا أهل البيت) وتدخل في حيازة الرضا الإلهي التابع إلى (أولئك منا والينا) .

فمن فكّر في نعمةِ اللهِ بالحسين (ع) علينا ، ثم قصّر في شكرها .. فليستحي السؤال من ربه ! لأن نعمةَ الحسين (ع) نعمة لا تضاهيها نعمة .. إذ منها بدأت حياتنا التاريخية المستقيمة المؤدية إلى الجنة .

يقول المستشرق الانكليزي د . ج . هوكارت :

(دلّت صفوف الزوار التي ترحل إلى مشهد الحسين في كربلاء والعواطف التي ماتزال تؤججها في العاشر من محرم في العالم الإسلامي بأسره كل هذه المظاهر استمرت لتدل على أن الموت ينفع القديسين أكثر من أيام حياتهم مجتمعة) .

فالسَعادة التي عناها الإمام الحسين (ع) عندما قال : لا أرى الموت إلا سعادة .. هي السعادة كل السعادة في أن تنحني عندَ قُبةِ الحسين تَطلبُ إذن الدَخول .

يقول أحد العارفين : عندما يشعر الشيعيُ بالشوق للإمام الحسين (ع) ، يكون الإمام الحسين في حالة شوق أكبر إليه .. لأن شوقه (ع) في دائرة الإطلاق واللانهاية .. بينما شوق الشيعي ضمن حدوده الذاتية .

ويضيف : هناك فرق بين من يخدم الإمام الحسين (ع) بنفسه ، وبين من يخدم نفسه بالإمام الحسين (ع) .

فيا سيّدي : يحدّثوني ﻋـﻦ رﺣﻠﺔ الشّوق اﻟﺘﻲ بدأت هذه الأيّام .. ويحدّثهم ﻗﻠﺒﻲ ﻋﻦ ذاك الشّوق اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﻔﺎرﻗﻨﻲ ﻟﺤﻈﺔ .. لان كل قصص الحب تنتهي ، إلا قصة حب الحسين (ع) فهي التي تبدأ من الفطرة وتنتهي بالجنة .

في أيام محرم في أواخر حياة السيد المرعشي النجفي (قدس) ، جاء الى صحن السيدة المعصومة (ع) لصلاة الجماعة ، وكانت المواكب الحسينية ماتزال مستمرة ومازال الناس يلطمون على الرؤوس والصدور ويضربون (الزنجيل) على الظهور وقد علا نحيبهم وبكاؤهم ، ولما أقام المكبّر للصلاة طلب من الجمهور الهدوء بمقدار صلاة الجماعة .

ما أن سمع السيد المرعشي منه ذلك ، إلا وأحمر وجهه غضباً ناهياً المكبّر عما قال ، فزجره قائلاً : ” ساكت باش ، أكر إين عزا داري بنود نماز جماعت نبود” ، أي أسكت لولا هذه المواكب لما كانت صلاة الجماعة ، يعني دعهم يقيمون العزاء على سيد الشهداء .

والحقيقة : فلولا هذه المراسم وهذه المآتم لأنكر أعداؤنا علينا قصة عاشوراء وظلم يزيد وأتباعه ، كما أنكر الآخرون قصة الغدير .

فإن كانت سجية العراقيين عطاءً للحسين (ع) بلا مقابل إلا وجه الله العزيز ، فإن ما أفاضه ويفيضه الخالق سبحانه بالحسين الوجيه على العراقيين فضائل جمة تصل حد الأعجوبة .. ولكنها عندي هي أقرب للكرامة ممن سواها .

فقد ورد في القران الكريم قوله تعالى : (يا ليتني قدمتُ لحياتي) وليس في حياتي .. فحياتنا الحقيقية لم تبدأ بعد .. فتأمل ! .

إن واقعة الطف تختزل أقصر واقعة في التأريخ .. ولكنها أطول ملحمة في البقاء .

عظّم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بالحسين (ع) ، وجعلنا وأياكم من الزائرين ، وجعلنا

وإياكم من الطالبين بثأره مع وليّه الإمام المهدي (عج) .

تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال