جاري تحميل ... مدونة المرجل

الاخبار

إعلان في أعلي التدوينة

الصفحة الرئيسية غير مصنف العراق إنزياح قسري في الوجوه.. سوء تقدير في مسار الأداء، وثراء في خط المواجهة..!

العراق إنزياح قسري في الوجوه.. سوء تقدير في مسار الأداء، وثراء في خط المواجهة..!

حجم الخط

 


إياد الإمارة ||


هناك لحظات في تاريخ البلدان والمجتمعات تُـصاب فيها الوجوه بانزياحٍ قسري ..

ليس جسدياً بالضرورة، بل أخلاقياً ووظيفياً وروحياً ..

تتبدل المواقع، ويتغير ترتيب الكفاءات، وتصبح الطارئةُ متقدمةً على الأصيلة، ويغدو المغمورُ صدفةً مالكاً لمفاتيح القرار، فيما يُـدفع أصحاب الخبرة إلى الصفوف الجانبية!

هكذا تبدأ الحكاية دائماً:

١- وجوهٌ ليست في أماكنها.

٢- وأدوار تُـمنح لمَـن لا يعرف معناها.

٣- ومسؤولياتٌ تُـعطى لمَـن لا يملك أدواتها.

سوء التقدير هو الشرارة الأولى لهذه النار المستعرة!

حين تنزاح الوجوه القادرة خارج المشهد، يُـفتح الطريق للمترددة، والعاجزة، والمتطلعة إلى الجاه لا إلى العمل ..

وتبدأ منظومة التقدير المختلة بالعمل مثل ماكينة معطوبة:

١- تُـقرب مَـن يجيد المجاملة.

٢- وتُـقصي مَـن يجيد الإنجاز.

٣- وتحتفي بالصوت العالي.

٤- وتُـهمّـش العقل الرصين.

فتتسرب الأخطاء من كل ثغرة، وتتحول القرارات إلى سلسلة من ردود الفعل المتسرعة، ويصبح الأداء العام أشبه بمَـن يسير في الظلام وهو يظن أنه يرى.

أما سوء الأداء فهو الابن الشرعي لسوء التقدير ..

الذي يصل إلى موقعه مصادفةً، أو بفضل قربٍ غير مستحق، سيحكم بمنطق الغرور لا بمنطق المعرفة ..

سيتعامل مع المؤسسات كأنها مزرعة خاصة، ومع الناس كأنهم عبءٌ على طريق صعوده الشخصي ..

هكذا تتكدس الملفات غير المحسومة، وتتراكم المشاريع المؤجلة، وتتهاوى فرص التنمية بين أصابع غير أمينة ولا خبيرة ..

ومع الوقت يتحول الفشل إلى عادة، ويصبح الانحدار أمراً طبيعياً، ويتعوّد المجتمع على ضعف الأداء كأنه قدَر لا يمكن تغييره.

وفي قلب هذا المشهد يظهر سباق الثراء ..

ذلك السباق الذي لا يدخل خط المواجهة من باب البطولة، بل من باب الشره ..

هناك مَـن يعتقد أن المنصب فرصة استثمارية، وأن الوظيفة العامة سلّـمٌ سريع لزيادة الأرصدة ..

وعندما يتقدم سباق الثراء على سباق الخدمة، تنقلب المعادلة:

١- تتراجع القيم.

٢- تُـخترق القوانين.

٣- وتضيع الأولويات بين مَـن يبحث عن توقيع يدرّ مالاً ومَـن يسعى لامتيازٍ يفتح باباً آخر للنفوذ.

عندها، يصبح كل انزياح قسري في الوجوه ضربةً إضافية للناس؛ لأن مَـن يقف في الواجهة ليس مَـن عليهم الوقوف، ومَـن يتصدر القرار ليس مَـن يملك الحكمة ..

وتتحول الدولة إلى ساحة تنافسٍ غير شريف، النزيه فيها خاسر، والخبير فيها مُـهمش، وصاحب الضمير متروكٌ خارج اللعبة.

غير أن الوجوه حين تنزاح قسراً تستطيع أن تعود اختياراً ..

يعود وجه الحقيقة:

١-حين تتقدم الكفاءة على المجاملة.

٢-وحين تُـفرض قواعد الاختبار على مقولة “هذا ولدنا”.

٣- وحين يُـنظر إلى المال العام كأمانة لا غنيمة.

٤- وحين يعاد الاعتبار للخبرة.

٥- ويُـرفع الظلم عن الكفوء.

٦- ويتحرر القرار من نفوذ الطامعين.

ينتهي الانزياح ويعود المشهد إلى طبيعته.

لأن المجتمعات لا تتقدم بالوجوه الساقطة على المقاعد، بل بالوجوه التي تنهض بالمسؤولية ..

ولا تُـبنى الدول بمَـن يجيد مراكمة الثروة، بل بمَـن يجيد بناء الثقة ..

والثقة لا تُـعطى إلا لمَـن يعرف الطريق، ولا يبيع موقفه، ولا يخضع لسباق الثراء مهما كانت الإغراءات.

ويبقى السؤال مفتوحاً:

كم سندفع من الوقت والفرص حتى تعود الوجوه إلى مواقعها الطبيعية، ويعود التقدير إلى صوابه، ويُـعاد الأداء إلى مساره، وينسحب سباق الثراء بعيداً عن خط المواجهة؟

الإجابة: عند أول لحظة نقرر فيها أن الكفاءة فوق القرابة، وأن النزاهة فوق الامتياز، وأن الوطن فوق الجميع.


تعديل المشاركة
Reactions:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إعلان أسفل المقال